في تصريح له نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي اتهم السعودية بأنها تعمل على إسقاط النظام بالعراق، معلناً أنه في حرب غير مُعلنة مع المملكة العربية السعودية ولكنها ليست حرب جيوش، قائلاً إن السعودية تعمل على إسقاط نظامه وتحلم بالتمدُّد نحو إيران، كاشفاً النقاب عن محاولات حثيثة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية على أعلى المستويات منذ ثماني سنوات للتوسط في حل الإشكال ولكن كل الجهود الأمريكية تصطدم بتعنُّت السعودية. لستُ هنا في صدد الدفاع عن السعودية أو غيرها، ولست معنياً بذلك لا من قريب أو بعيد؛ ولكن هذا التصريح استفزّني كثيراً نظراً لمغالطاته وما يحويه من عُقد على الأمة العربية وعلى الشعب العراقي نفسه وتمجيد الدور الفارسي؛ ولذلك سأتناول هذا التصريح من هذه الزاوية فقط. فمن خلال تصريح المالكي نرى أنه كشف أموراً رغم أن السياسي المتابع للأحداث يعلم بها من قبل ولكن الكثيرين لا يدركونها؛ منها أن أمريكا تدعم المالكي وتوجُّهه العنصري بكل قواها، وأنه يستمد منها هذا الصلف الذي يتعامل به مع شعبه بروح العنصرية والمذهبية الضيقة المقيتة ما صعّد من الصراع الطائفي وراح ضحيته الآلاف من الأبرياء من أبناء الشعب من كل الأطراف، وتدعمه في الشق الآخر دولة إيران الفارسية التي تعتبره أداة من أدواتها الأساسية في تمكين القبضة على العراق الأبي الذي سلّمته أمريكا إلى إيران على طبق من ذهب رغم شعارات العداء الكاذبة بين الدولتين منذ عشرات السنين، وهما في حقيقة الأمر على وفاق تام، والضحية بينهما هم العرب بشكل عام. والشيء العجيب أن المالكي يُظهر إيران الدولة الطامعة في الخليج والجزيرة العربية وبلاد الشام؛ يُظهرها في تصريحه وكأنها الحمل الوديع المهدّد من قبل المملكة العربية السعودية، وهو بتصريحه هذا يحاول استغفال عقول الناس وكل المتابعين، بينما لم تسلم أية دولة من دول الإقليم المحيط بإيران من أذاها والتدخُّل في شؤونها. وحينما يتهم السعودية بأنها كانت السبب والداعم لصدام حسين؛ فهو بهذا الكلام يتحدّث وكأنه الناطق الرسمي للنظام الإيراني، متناسياً أن جرائمه في حق الشعب العراقي العظيم أضعاف مضاعفة مما حصل خلال فترة حكم الزعيم الراحل صدام حسين كلها الذي لم يكن طائفياً، ولم نكن نسمع في عهده عن الصراع الطائفي والمذهبي، وكان العراقي يعتز بعراقيته وعروبته، ولم يكن في يوم من الأيام ذنباً لأعداء الشعب العراقي العظيم كما فعل المالكي وحوّل العراق إلى إمارة أو ولاية تتبع النظام الإيراني الحاقد على الأمة العربية منتقماً من كل ما يمتّ إلى العروبة بصلة مهما حاول إخفاء هذا التوجُّه في جمل براقة يكذّبها الواقع المعاش. نحن واثقون أن الشعب العراقي بكل مكوّناته وطوائفه ودياناته بما فيهم الأخوة الشيعة العرب يدركون سياسة المالكي الصفوية الذي قدم إلى الحكم على ظهر الدبابة الأمريكية مهما تزيّن بالديمقراطية، وهو من سلّم السيادة العراقية إلى إيران «الخصم التاريخي للشعب العراقي الأصيل». ولذلك فإن ما يعانيه هذا الشعب العظيم ما هو إلا سحابة صيف ستنقشع، وإن إرادة أبناء الشعب العراقي لن تُقهر مهما تآمر عليها الغرب بقيادة أمريكا والشرق بقيادة فارس، وسيعود شعب العراق بلاد الرشيد إلى حضن أمته العربية بل وإلى قيادة الأمة كونه القائد عبر التاريخ.