قبل أيام دعا وزير الإعلام اليمني علي العمراني إلى أهمية ترشيد الخطاب الإعلامي ,وحث وسائل الإعلام المختلفة إلى أهمية تحري الدقة والموضوعية في نقل الخبر بعيداً عن التضليل والمزايدات والمكايدات التي تضر بمصلحة الشعب والوطن، وأن يعي الإعلاميون دورهم ويدركوا مسئولياتهم وأن يتخلوا عن اساليب الإثارة والتهويل وأن يركزوا على نقل الحقيقة وإيصالها إلى المواطن كما هي.. كلام جميل جداً وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرةفي الحديث عن ضرورة ترشيد الخطاب الإعلامي وبما يتوافق وأهمية المرحلة التي تمر بها اليمن ,وهو مايعني الإدراك تماماً بخطورة الدور الذي يلعبه الإعلام في هذه المرحلة والآثار التي ستلحق بالشعب والوطن جراء التحريض الإعلامي المتواصل بين شركاء الوطن. ولكن أين الإعلام الرسمي وهل نجح في ترشيد خطابه ليتواكب مع الوضع السياسي القائم؟ أم أنه بحاجة إلى إعادة تقييم مثله مثل وسائل الإعلام غير الرسمية؟ والأهم من هذا هل لدى وزارة الإعلام آلية عملية لضبط الخطاب الإعلامي وإعادة رسم السياسة الإعلامية لمختلف وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية وفق ضوابط مهنية واخلاقية ترتقي بالإعلام ولاتحط من قدره أو تحد من الحرية التي يجب أن يتمتع بها!! نحن اليوم وفي ظل الأوضاع التي يشهدها يمننا الحبيب أحوج مانكون لخطاب إعلامي مستنير ومتحرر من كل قيود التبعية الحزبية والمذهبية والقبلية ،ويكون على أعلى درجات من المهنية والمسئولية الوطنية ، لماذا لأن الوطن لم يعد يتحمل مزيداً من الصراعات والانقسامات والأزمات؟ كما أن المواطن فقد ثقته بوسائل الإعلام المختلفة وأصبح في حيرة من أمره فعلى ضوء الاخبار المتناثرة من هنا وهناك وكثرة القيل فقد الحقيقة وأصبح عاجزاً عن إدراك حقيقة مايجري حوله، وأصبح يشكك بكل مايصل إليه من معلومات مهما كان مصدرها فما يسمعه من وسائل الإعلام المستقلة والحزبية تنفيه الحكومة بوسائل إعلامها الرسمية.. وماتقوله الحكومة في وسائل الإعلام الرسمية تكذبه وسائل الإعلام غير الرسمية ،وماتتحدث عنه وسائل إعلام هذا الحزب تناقضه وسائل إعلام الحزب الآخر.. حتى على مستوى خطباء المساجد ورجال الدين كل يأتي بما يوافق هواه ويخدم توجهات حزبه ومذهبه حتى في القضايا المصيرية التي لايجب أن يختلف عليها اثنان كما هو الحال في الحرب ضد الإرهاب نجد هناك من يتحدث بأنها عبثية ومؤامرة وتدمير لجيش اليمن ومقدراتها ويحاولون اقناع الآخرين وعبر وسائل إعلامهم المختلفة أن بقاء الإرهابيين في اليمن هزيمة لامريكا وإسرائيل.. وأن مايقترفونه من جرائم إرهابية هي بمثابة خدمة مجانية لأهل اليمن تجعل بهم إلى الجنة.. وهكذا يتحول الإعلام من أداة للوعي إلى أداة للتجهيل ومن وسيلة لغرس الولاء الوطني وحب الأوطان إلى وسيلة للتحريض على الوطن والتآمر عليه .. عشرات الاخبار والتحقيقات والكتابات الصحفية والتحليلات وتغريدات المفسبكين كلها تتحدث عن قضية واحدة.. وكلها تحاول ابعاد الحقيقة وتغييبها وتبقى عقدة الجميع الدائمة عدم قبول الحقيقة من الآخر المختلف معهم وهنا يكمن السر وراء هذا العبث الإعلامي الذي يدفن الحقيقة ويعلي الزيف والتضليل.