سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإعلام الرسمي يحاول تجنيب الوطن الفتنة والإعلام الحزبي يبرر العمل الانقلابي على الديمقراطية عن الإعلام وإدارة الأزمة.. أكاديميون وإعلاميون ونخب مثقفة يتحدثون ل 14 أكتوبر :
في العصر الحديث أصبح من المهم إدراك مفهوم الأزمة أو الكارثة وضرورة القدرة على التعامل العلمي الصحيح معها فيما يعرف بإدارة الأزمة أو الكارثة، لما للإعلام من دور حساس وخطير خصوصاً في الأزمات والكوارث في كل مراحل الأزمة أو الكارثة سواء قبل حدوثها أو أثناء أو فيما بعد انتهاء أحداثها وتداعياتها، فهو حجر الزاوية في معالجة الأزمات معالجة سليمة. وانطلاقاً من هذه المسؤولية الجسيمة التي يتحملها الإعلام برز تساؤل هو كيف أدار إعلامنا اليمني بمختلف أشكاله ووسائله الأزمة السياسية الراهنة. وإلى أي مدى تناول الأحداث بمهنية وم وضوعية بعيداً عن التضليل والتضخيم للأحداث وتشويه الحقائق مترفعاً عن المصالح الشخصية والحزبية التي تسير البعض جاعلاً مصلحة الوطن فوق كل اعتبار؟!. تفاصيل أكثر في ثنايا هذا الاستطلاع. د. علي العمار أستاذ الصحافة المساعد كلية الإعلام/ جامعة صنعاء: الحقيقة أن الإعلام اليمني بمختلف أطيافه السياسية لم يستطع إدارة الأزمة كما يجب فأصبح إعلام تضليل يعتمد على تأجيج وافتعال الأزمة من خلال تضخيم وفبركة الأحداث ويفترض أن الإعلام يعتبر الأداة الإستراتيجية الأساسية لإدارة الأزمة حيث يجب أن يتبع في إدارة الأزمات الآتي: أولاً: الاعتراف بوجود أزمة حتى يستطيع التعامل معها بحيادية وتوازن. ثانياً: أن يكون هناك سعي حثيث ومنافسة شريفة من أجل الوصول إلى الحقائق لتوصيلها للرأي العام باعتبار أن الرأي العام يعتمد على وسائل الإعلام في استقاء المعلومات أثناء الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية. لذلك في ظل هذه الأزمة يفترض أن يكون الإعلام توجيهياً باعتبار أن الأحداث والآراء متضاربة ولا يعرف الرأي العام أين الحقيقة لذلك فمن واجبات الإعلام السعي وراء الحقيقة وإيصالها إلى الرأي العام بعيداً عن المناكفات السياسية. الإعلام الرسمي دور تطميني وطني بامتياز د. عبده البحش أستاذ الإعلام/ جامعة المستقبل وجامعة العلوم الحديثة: بالنسبة لما يتعلق بإدارة الأزمة السياسية الحالية الراهنة من قبل الإعلام الرسمي بمختلف وسائله والإعلام الخاص أو الحزبي، فإننا نجد أن الإعلام الرسمي قد حاول إدارة هذه الأزمة السياسية بما يجنب الوطن الانزلاق إلى الفتنة والحرب الأهلية وسعى جاهداً إلى تشجيع الحوار مع الأحزاب المعارضة ممثلة باللقاء المشترك والقوى المتحالفة معه أملاً في مخرج سياسي سلمي يجنب الوطن الخراب والدمار ويبعد عنه شبح الحرب والاقتتال من خلال الوصول إلى تفاهم وحل يفضي إلى استمرار العملية السياسية والديمقراطية وتحقق مطالب الشعب اليمني بالتغيير والتبادل السلمي للسلطة في إطار المعايير الديمقراطية والمبادئ الدستورية. ووجه الإعلام الرسمي من خلال العديد من رسائله وبرامجه الإعلامية أبناء الشعب اليمني بكل أطيافهم بالحرص على الحوار بين الأطراف كافة وحذر من الانجرار إلى العنف والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرقات ومحاولة السطو على المعسكرات ونهب الأسلحة وما ستؤدي إليه من مخاطر بالوقوع في أيدي الجماعات المتطرفة الإرهابية. وحرص الإعلام الرسمي دائماً على رأب الصدع وتعزيز وترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية محذراً من مخاطر الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية ومؤكداً أن الوصول إلى الحكم والسلطة لن يكون إلا عبر صناديق الاقتراع. أما بالنسبة للإعلام الخاص أو الإعلام الحزبي فنجده قد انطلق من مفهوم الثورة بمحاولة تبرير العمل الانقلابي على الديمقراطية والشرعية الدستورية، لذا فقد كان إعلاماً تحريضياً واستفزازياً بدرجة أساسية مستجيباً لرغبات تلك الأحزاب والقوى التي تقف وراء هذا النوع من الإعلام المحرض الذي تسعى لتسخيره في خدمة أجندتها الحزبية والأنانية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا. وعمل هذا النوع من الإعلام على الدعاية والحرب النفسية والتسميم السياسي واستخدام المبالغات والإشاعات والتضخيم والتهويل وكل أساليب الحرب النفسية بطريقة مقصودة الهدف منه هو الوصول إلى الغايات الحزبية الضيقة والشخصية الأنانية بعيداً عن العمل السياسي والديمقراطي وخلافاً لنصوص دستور الجمهورية اليمنية. ينقصها الكثير د. أحمد العجل عميد كلية الإعلام/جامعة صنعاء: الإعلام اليمني الرسمي وغير الرسمي لم يقم بإدارة الأزمة إدارة سليمة بدليل الإشكالية الموجودة في تدفق المعلومات وانسياب الأخبار في وقتها بما يراعي الآلية إلى جانب غياب التحليل الإعلامي والسياسي للأخبار والأحداث، إضافة إلى التدني في الموضوعية والحيادية والصدق والدقة والآنية والسبق الإخباري وأهمية الخبر، الأمر الذي أعطى للإشاعات بيئة كافية بأن تنتشر وتفتك بالجماهير بل تجاوز الأمر إلى بعض القنوات الإعلامية الإخبارية العربية التي استغلت هذا الموضوع وتحولت إلى أداة حرب نفسية موجهة لليمن وأبنائها. فعملت على الخلط بين الخبر والتحليل وخلطت بين التحليل وبين التحريض مع أن التحريض جريمة ينص عليها القانون اليمني والدولي. ولا ننسى أيضاً بعض القنوات الخاصة الحزبية من الداخل التي كان يفترض أن يكون لها جماهير بناء على مصداقيتها ولكنها تخلت عن الأخلاقيات الإعلامية والمهنية الإعلامية وتحولت إلى حرب إطلاق الإشاعات وإثارة الرعب وافتعال الأزمات وغسل الدماغ والتعتيم والتضخيم والتهويل وممارسة كل أنواع التضليل الإعلامي وبالتالي فقدت جمهورها وأصبحت في موضع اتهام جماهيري لأنها لم تعد تهتم بمصالح الجماهير بقدر اهتمامها بمصالحها الحزبية الضيقة إلى جانب ممارستها حرباً لا هوادة فيها ضد الوطن وبالتالي نبقى أمام تساؤل مهم يتمثل في: متى نستطيع أن نضع سياسات تمكن الإعلام من إدارة الأزمات؟! هذا يحتاج إلى مجلس خبراء من المتخصصين والتكنوقراط في مجال الاتصال الجماهيري. ضعف مهنية ونقص معلومات الأستاذ / عبدالرحمن العلفي: يمثل الإعلام في هذه المرحلة التاريخية من حياة شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية السيف المسلط على أنظمة الحكم وعلى المشهد السياسي والوطني وعلى وجه الخصوص الإعلام الغربي الليبرالي البراغماتي (أي النفعي / المصلحي) ولقد أبانت الأحداث والمتغيرات على الساحة اليمنية مدى هشاشة وضعف الإعلام الوطني بأشكاله المختلفة (المرئي، والمقروء، والمسموع) ومن مصادره المختلفة (الحكومي، الأهلي، الحزبي) وهذا دليل على ضعف المهنية ونقص واضح في قاعدة المعلومات والبيانات، حيث برز الخطاب الإعلامي في بدايات الأزمة متزامنا مع ما عرف بالحراك الجنوبي مرورا بتداعيات الأحداث وتطورات المشهد السياسي واتساع اعتمالاته ليشمل معظم الساحة العربية ليؤكد أن كفاءة وقدرة الإعلام المحلي متواضعة ولا تقترب من حقيقة ما يدور فالإعلام الحكومي يذهب بعيدا عن الحقيقة ليصور الأوضاع بأنها مستقرة وثابتة وغير منحرفة عما هو مرسوم لها من قبل مؤسسات الدولة وكأنه يصور الأحداث أنها ليست أكثر من زوبعة في فنجان، أما الإعلام الحزبي المعارض فإنه يتعامل بشطط بعيدا عن الموضوعية، مجافيا للحقيقة ويذهب إلى تصوير الأوضاع بأنها كارثية ونار مستعرة وبراكين متفجرة وهذا يمثل حالة التردي في الخطاب الإعلامي. وليس هذا فحسب بل انه يتجاوز معايير القيم الأخلاقية والدينية إلى ما هو عكس ذلك فإذا كان الكذب من الصفات المنقوصة في الإنسان فإن الكذب عبر وسائل الإعلام إساءة للكلمة وتفريط بالقيم التي جبل عليها الإنسان السوي وعلينا أن نلتمس من رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى والقدوة الحسنة حين سأله أحد الصحابة أيكون المؤمن بخيلا قال : نعم، قال: أيكون المؤمن جبانا قال : نعم، قال : أيكون المؤمن كذابا قال عليه الصلاة والسلام: لا يكون المؤمن كذابا. فحسبنا أن الاعلام في هذه المرحلة قد حمل راية الفتنة وتأزيم الأوضاع وفتح الباب على مصراعيه لكل متسوق في ميدان السياسة الميكافيلية التي لا تربط بين قيم الوسيلة والغاية. ومما يجدر الإشارة إليه أن الإعلام الرسمي قد أفاق من سبات كان يغط فيه حينما كان لا يجاري الواقع ولا يتفاعل معه ولا يفتح بابا للرأي والرأي الآخر، غير أنه بعد مرور فترة ليست بقصيرة في الأزمة السياسية الراهنة قد انفتح على الرأي والرأي الآخر وهي مرحلة محمودة، خاصة أنها ركزت على الاستماع للرأي المعارض لسلطة حزب الأغلبية وسمحت بتفنيد جوانب القصور والسلب في أداء مؤسسات الدول وتقييم العملية الديمقراطية المنقوصة التي لم ترتق بعد لتصبح مظلة لأبناء الوطن اليمني يتساوى الجميع تحتها في الحقوق والواجبات، ويتفيؤون ظلال الحرية ويجسدون الديمقراطية السياسية القائمة على التعددية التنظيمية في إطار الثوابت الوطنية وينعمون بالخير والتنمية والاستقرار المعيشي باعتبار ذلك الغاية من كل ما سبق. ولعل هذه القضية (دور الإعلام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية) هي بيت القصيد لما ينبغي أن تضطلع به مؤسسات البحث العلمي والأكاديميون وقادات الرأي وعلماء السياسة والاجتماع ليقدموا رؤاهم وتصوراتهم الموضوعية حتى نتجاوز الإعلام المؤجج والمسعر للحرائق. الدور المفترض العميد/ أحمد الدوري : إن وسائل الإعلام يجب أن تكون غيورة على مجتمعها مدافعة عن الحق العربي المسلوب، تحترم شرف المهنة الصحفية والإعلامية وتقف الى جانب أي بلد يعاني من هجمات إعلامية وصحفية غربية شرسة لا مبرر لها. والصحافة التي تنقل الأحداث من جانب مظلم قاتم بدون مراعاة لأحد، تكذب على نفسها وتمارس عملها تهديداً وابتزازاً. يجب أن تكون الصحافة ووسائل الإعلام واثقة من نفسها وقدراتها على نشر كل ما يدور في اليمن بصدق وإخلاص، وعدم تكرار الشائعات التي تروج لها وسائل الإعلام المسيئة للوطن والمواطن أو نشر الدعايات المسموعة أو المرئية أو في أوساط المجالس. يجب أن تكون لوسائل الإعلام مصداقية في الداخل والخارج وأن تتناول الأخبار وتتحرى عن الحقيقة وتمارس علمها بإخلاص ومصداقية وحياد بعيداً عن الإثارة والتهويل ما يؤدي الى التضليل وتقديم المعلومات المغلوطة والمشبوهة وبالتالي تفقد مصداقيتها واحترام المتابعين لها. والأسوأ من ذلك أن بعض القنوات الفضائية المشبوهة المصدر تملك شبكة كبيرة جداً من المراسلين موزعين على الكرة الأرضية ونفقاتهم كبيرة جداً تفوق قدرة دول وحكومات وتتواصل مع الشخصيات والقيادات ضد ذلك البلد وتعتبرهم أبطال المستقبل. إن اليمن بخير ولن يسمح الشعب اليمني لأي كان بأن يتدخل في شؤونه أو سلب إرادته الحرة وهو قادرة على حماية البلاد من أي تهديد قد تتعرض له.