النظام السياسي سواء كان ديمقراطياً حسب المفهوم الليبرالي أو ديكتاتورياً حسب نفس المفهوم لا يُدار إلا بثنائية هما قوى الحكم والمعارضة، لذلك قلنا إن قوى الحكم والمعارضة يعتبران وجهين للنظام السياسي الواحد. ومن نفس منطلق إيماني بحقيقة هذه العلاقة بين قوى الحكم والمعارضة، أجدني مضطراً لتوضيح من هي قوى الحكم وقوى المعارضة في المرحلة الانتقالية هذه والتي جاءت كنتيجة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لتوضيح الصورة حتى يسهل الإلمام بواقع الحال وأحداثه وتطوراته بعيداً عن الارتجال والعشوائية وتبادل التُهم. وقوى الحكم اليوم تتشكّل من مجموع حزب المؤتمر وحلفائه ومجموع أحزاب المشترك وشركائهم، بمعنى أن أحزاب الحكم وأحزاب المعارضة صارت جميعها في موقع قوى الحكم ونتيجة ذلك انسلخت الكثير من العناصر المنتمية للأحزاب التي صارت هي قوى الحكم لتنظيم ما يسمّى بقوى الحراك الجنوبي، وقوى التمرد الحوثي وقوى ما يسمّى بتنظيم القاعدة وغيرها من القوى التي صارت بمثابة قوى المعارضة أو التي تملأ فراغ المعارضة، مثلما تملأ الأولى فراغ قوى الحكم. وليس غريباً أن لا نرى إطاراً حقيقياً يوحّد قوى المعارضة هذه، فهي مرآة تعكس الصورة الحقيقية لقوى الحكم التي في حقيقتها غير مؤطرة إلا شكلياً بقول: إن هذه تمثّل المؤتمر وحلفاءه أو المشترك وشركاءه، علماً أن المؤتمر نفسه منقسم على نفسه وكذلك حلفاءه والمشترك كل أطرافه تعاني من انقسامات داخلية مهما أنكروا ذلك، والأمثلة كثيرة على ذلك يعلمها الجميع حتى أبسط مواطن في البلاد ولا تحتاج إلى توضيح. ومثلما تعتاش قوى الحكم من موارد الدولة ومن الدعم الدولي على حساب التنمية والأمن والمصالح الوطنية العليا، كذلك تعتاش قوى المعارضة على دعم من بعض الدول الإقليمية والخارجية وعلى موارد الدولة ومصالحها التنموية بتدمير خطوط الكهرباء وأنابيب النفط والغاز وبالتقطعات والنهب والسلب والاغتيالات والتهريب والبسط على بعض المحافظات والمناطق والاختطافات.. إلخ من أجل الابتزاز والكسب. وهذا وضع يحول دون قيام الجهات الأمنية والقضائية بدورها اللازم فيضطر طرفا الحكم والمعارضة إلى الاعتماد على الوساطات والتحكيمات القبلية لتنظيم العلاقة بينهما وبدفع الفديات لمراضاة المعارضة وحل القضايا آنياً، وعلى هذا الأساس تستمر العلاقة بين الطرفين، فتبقى الاختلالات الأمنية وتدمير خطوط الطاقة وأنابيب النفط والغاز وإصلاحها حتى باتت ظواهر اعتيادية وفي اتجاه الأسوأ. وسيبقى الوضع على هذه الحالة إلى أن تتشكّل قوى حكم ومعارضة حقيقية وجديدة. نسأل الله أن لا ننتظر ذلك طويلاً. والله من وراء القصد.