أود أن أؤكد إنني هنا لا القي دروس أو مواعظ سياسية عن كيفية معارضة الأحزاب للسلطة بالشكل الايجابي أو بالمضمون البناء المتعارف عليه في معظم دول العالم التي تتبنى النظام الديمقراطي للحكم، لأني اجزم أن غالبية أحزاب المعارضة في وطننا لا تحتاج إلى مواعظ ودروس من هذه الناحية، ولكنها تحتاج إلى تذكير دائم عندما نلمس يوميا خروجها عن أبجديات العمل السياسي البناء والذي للأسف يشاهد بكل وضوح على الساحة السياسية للبلد وهذا التذكير سنجتهد من خلاله ليكون الأقرب إلى المنطق والكلام الموضوعي. المعارضة كما هو متعارف عليه تمثل الوجه الآخر للحكم في أي بلد وهذا يعني أنها لا تخرج عن الإطار الكلي للنظام السياسي وبالتالي يصبح التداول السلمي للسلطة هو الغاية المشتركة لكلاهما، والاختلاف في الرؤى والسياسات والبرامج هو السبيل الذي يتبعه كل طرف للوصول إلى ثقة الشعب عبر صناديق الانتخاب. هذا المفهوم أو المبدأ الديمقراطي الذي نطمح لان يترسخ في فكر وسلوك أحزابنا يدفعنا للحديث المختصر عن واقع العمل السياسي الذي تعيشه أو تسلكه أحزاب المعارضة على الساحة السياسية في البلد والذي للأسف لا يبشر بمستقبل مشرق للتجربة الديمقراطية في اليمن كما نتمناه جميعا. أحزاب المعارضة وتحديدا اللقاء المشترك تعتبر العمل السياسي في قاموسها وبالا حرى سلوكها وسيلة فقط للابتزاز أو للتقاسم أو للتشاطر وفق مفهومها المشوه لما يسمى باللعبة السياسية، وهنا أسجل وجهة نظر مختلفة لهذا المصطلح الغريب في السياسة لأنني اعتقد أن السياسة ليست بمفهومها الواسع مجرد(لعبة) في يد احد من الأحزاب سواء كان في الحكم أو المعارضة, ولو سلمنا بان السياسة هي فن الممكن فان هذا الممكن ينبغي أن لا يخرج عن الثوابت الوطنية والمصالح العليا للشعب وبالتالي فان العمل السياسي المؤطر بالمصالح الحزبية الضيقة و بالابتزاز الرخيص أو العمل من تحت الطاولة محكوم علية بالفشل الذريع. هناك سلطة منتخبة تحكم فلندعها تنفذ برنامجها الانتخابي الذي انتخبها غالبية الشعب بناء عليه ولنراقب عملها أولا بأول وعندما نرى أن هذه السلطة لم تفي بوعودها عندئذ فقط يأتي دور المعارضة لتبين عبر الوسائل الحضارية والديمقراطية السلمية والبناءة للجماهير الأخطاء الحقيقية لتعثر هذه السلطة في تنفيذ برنامجها لا أن نحمل معول للهدم كما تعمل أحزاب اللقاء المشترك يوميا لتقول لنا في النهاية أنها تمارس حقها في العمل السياسي الذي كفله لها الدستور. الدستور يا إخواني وضعه المشرع لتنظيم العلاقة بين شركاء العمل السياسي لما فيه مصلحة البلاد والعباد ولم ينص على إباحة الأكاذيب والتضليل و التشاطر السياسي والمغالطات و المماحكات الحزبية الهدامة، ولم ينص على الدعوة المبطنة لتقاسم المناصب والمغانم والكراسي الفانية, اتقوا الله في هذا الوطن الذي أعطاكم الكثير وتريدون اليوم رسم مستقبل مظلم لأبنائه لا لشئ سوى لإرضاء شهوة المناصب والكراسي والمغانم الحرام في نفوسكم . المرحلة حساسة وتتطلب من الجميع واخص هنا كل (الوطنيين) في الحزب الحاكم و أحزاب المعارضة جميعا الالتفاف حول مصالح الوطن العليا والوقوف في وجه كل من يحاول المساس بأمن واستقرار ووحدة ومستقبل هذا الشعب العظيم. واختمها بنصيحة صادقة إلى إخواننا في أحزاب اللقاء المشترك أن يكفوا عن مناوراتهم السياسية المفضوحة و أن يأخذوا كل القراءات والآراء الموجهة نحوهم وينضروا إليها بايجابية مهما تعارضت مع آراءهم وان لا يرموا بها إلى سلة المهملات الخاصة بهم لأنه عندئذ سينكشف زيف ما يدعوه بقبولهم بالخيار الديمقراطي وقبول الرأي والرأي الآخر، وان لا يسارعوا كعادتهم باتهام كل من خالفهم الرأي والتوجه أو انتقد سلوكهم بأنه ضمن (الحملة) الموجهة ضدهم، لأنه لا توجد حملة ضدهم ولا هم يحزنون، بل هناك كشف للحقائق التي تحاول هذه الأحزاب حجبها بشتى الطرق والوسائل وهذه والله مشكلة كبيرة تعاني منها هذه الأحزاب ما جعلها في موضع الأحزاب المنغلقة على نفسها و الجامدة في مواقفها وأحيانا المتطرفة التي لا تقبل إلا رأيها حتى وان هدم المعبد على الكل. اعتقد انه حان الوقت لان نبتعد عن العند والمكابرة والمصالح الحزبية الضيقة ونقترب أكثر و أكثر من الحوار الصادق والحقيقي والمؤطر فقط بمصالح الوطن العليا التي تفضي إلى مستقبل زاهر للشعب وللأجيال القادمة.