يقيناً أن الاستحقاق الانتخابي قد دخل بالتوافق بين حزب المؤتمر الحاكم وتكتل المشترك المعارض بوابة التأجيل الى عامين، وعلى ضوئه يتوجب على معارضي تأجيل الانتخابات القبول بقرار الأغلبية السياسية والتعامل مع المستجدات من منظور ديمقراطي. وإذا كنت أحد الذين عارضوا التوجه الحزبي نحو التأجيل فإن الذي تبقى من هذه المعارضة هو مبرراتها التي كانت ترى في التأجيل مدخلاً للتعطيل، وهو محور حديثي هنا ومستقبلاً حتى نضمن أن تكون مدة التأجيل مبررة ديمقراطياً باعتبارها ضرورة تاريخية للتطور البنائي في مسارات التجربة الديمقراطية الناشئة في الوطن اليمني. أول الضمانات التي نراها لازمة للحيلولة دون التعطيل السياسي في العمل الحزبي خلال مدة التأجيل تأتي من الأحزاب التنظيمية وفق أسس ديمقراطية تعالج اختلال الأداء في الفترة الماضية وتعيد للمؤسسات التنظيمية مرجعيتها في صنع السياسات واتخاذ القرارات. هذا يتحقق إذاً وإذا فقط اعتمدت الأحزاب السياسية العلم قاعدة للتخطيط وأساساً للإدارة وهذا يتطلب إرادة تعترف بضرورة النقد والمراجعة وتلتزم بحق الاختلاف في الرأي والرؤى لأن إدارة المعركة الانتخابية خلال الفترة بين نهاية الانتخابات الرئاسية والمحلية وحتى التوافق على التأجيل للانتخابات النيابية التي كانت مقررة في ابريل القادم أقول إن الإدارة الحزبية للمعركة الانتخابية ابرزت طغيان الأحادية على الموقف الحزبي وغياب الرؤى الواضحة عن مضمون الخطاب السياسي والإعلامي للاحزاب اليمنية. لقد كانت الحكمة المعهودة للرئيس القائد علي عبدالله صالح مفتاح الانفراج الذي أفضى الى التوافق على التأجيل حين دعا قيادات الحزب الحاكم والمشترك المعارض الى الخروج من أسر المخاوف المحمولة على تحمل المسؤولية عن التأجيل نظراً لأن الطرفين تجنبا التعامل مع التأجيل كاحتمال وارد ومقبول في مآلات الأزمة المتفاقمة بينهما حول الإدارة الانتخابية للاستحقاق الديمقراطي المؤجل. ثاني الضمانات المطلوبة لتجنب الوقوع في منزلق التعطيل تأتي من برنامج ومشروع العمل السياسي على إنجاز المهام التي حددتها الحاجة إلى والمصلحة من تأجيل الانتخابات النيابية الرابعة مدة عامين وذلك من خلال تحديد المهام وترتيب الأولويات ضمن جدول زمني واضح ومؤطر بالتفسير المقبول وبالتوقعات المحتملة للمسارات والبدائل. هنا نشدد على ضرورة الفصل التام بين مطالب ومتطلبات الاصلاح المنشود للنظام الانتخابي وقضايا وأسس الاصلاح المنشود للنظام السياسي والأوضاع الوطنية المختلفة ذلك أن الدمج بين المسارين يولد أرضية للمكايدات الحزبية ومناخاً لمنطق المقايضة بين شركاء الحياة السياسية على الخارطة الحزبية وخارجها. قد نقول هنا أن بعض قضايا وأهداف الطموح الوطني للإصلاح السياسي وتطوير التجربة التاريخية للتحول الديمقراطي تشكل مرتكزاً لحركة العمل الحزبي ومحوراً للتنافس الانتخابي باعتبارها مطالب موضوعة لكسب أصوات الناخبين في برامج الأحزاب والدعاية الانتخابية فإذا حشرت ضمن قضايا الحوار في فترة التأجيل فإنها لا شك ستفضي الى الوقوع تحت قبضة التعطيل. ثالث هذه الضمانات تأتي من قيادات الرأي العام ومن وسائل الإعلام التي يتوجب عليها أن تتحرر من أسر الانغلاق على الأحادية الحزبية لتكون في فترة التأجيل مساحة حوار جاد ومسؤول حول قضايا وآليات الحوار بين الأحزاب بعقلية النقد الموضوعي للسياسات والمواقف التي تمثل مساهمة في ترشيد المنطق السياسي والإدارة الحزبية. هناك ضمانات أخرى تأتي من صدق ومصداقية القوى السياسية اليمنية وأحزابها ومن تغليب المصلحة الوطنية العليا وتضييق هامش المناورة على المصالح الضيقة ومن مرجعية العلم وحاكمية العقل على صياغة الخطاب وصناعة القرار داخل الأطر الحزبية وبينها وفي المجتمع. هذه إطلالة خاطفة بين يدي التأجيل وهي تمهيد لحديث قادم من موقع المتابعة المسؤولة لمسارات العمل ببرنامج التأجيل والرؤية الاستشرافية للانحرافات المحتملة نحو التعطيل، حتى نكون جميعاً مسؤولين عن مستقبل الوطن وعن مصير تجربته التاريخية في التحول الديمقراطي نحو التحديث الشامل والتنمية المتكاملة. [email protected] *الثورة