الوحدة اليمنية ليست خياراً أو قضية يمكن إخضاعها للنقاش و الأخذ والرد بين هذا الحزب أو ذلك , ولا بين هؤلاء المشائخ وأولئك ,ولا بين هذه القوى الإقليمية أو الدولية. فالوحدة اليمنية أرضاً وإنساناً قدر وفطرة إلهية , فالله سبحانه هو الذي سمى اليمن في محكم كتابه بلدة طيبة ورب غفور ومعنى ذلك انه سبحانه قد اصطفى اليمن أرضاً وإنساناً , واذا أراد الله شيئاً إنما يقول له كن فيكون وسيبقى ذلك ما دامت السماوات والأرض التي وجدت بقوله كن فيكون. وزاد رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيداً لهذه الحقيقة الأبدية بإبلاغه للعالمين بأن الإيمان يمان والحكمة يمانية وان أهل اليمن هم الأرق أفئدة والإلين قلوباً ولا فرق في ذلك بين أهل الجبل أو السهل أو بين أهل حضرموت وتعز أو بين أهل عدن وأهل صعده أو بين هذه أو تلك من المناطق أو المحافظات مهما تنوعت مذاهبهم أو قناعاتهم الفكرية أو عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة ومهما تعددت قبائلهم وانتماءاتهم الجهوية أو حتى السلالية , فلا فرق بين قحطاني وعدناني ولا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى , فشأنهم في ذلك شأن سائر الناس والعالمين , فكلهم لآدم وآدم من تراب ، وقال صلى الله عليه وسلم إن نفس الرحمن يأتي من قبل اليمن. وعرفت اليمن تاريخياً بالعربية السعيدة بل وسمي أحد أركان الكعبة المشرفة (قبلة المسلمين ) بالركن اليماني , ولا غرابة في ان يطلق على اليمن كله بشماله وجنوبه , وشرقه وغربه بجنوب الجزيرة. ولم يتغير اليمن الواحد أرضاً وإنساناً برغم تعدد الأنظمة الملكية والإمامية و السلاطينية و المشائخية التي تقاسمت حكم أرضه وإنسانه فظلت وحدة الأرض والإنسان قائمة ومستمرة وستبقى كذلك إلى ان يرث الله الكون كله.. ثم تلاشت الممالك والدويلات والسلطنات تباعاً أو توارثت بعضها بعضاً والوحدة مستمرة ودائمة.. وخضعت اليمن للتقاسم بين الدول الاستعمارية والقوى الإمامية أو القوى الأيديولوجية وظلت الوحدة محفوظة بإرادة الله حتى قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر ونشوء نظامين شمالي وجنوبي فوق الأرض اليمنية الواحدة. فاضطر حكام الشطرين إلى الاعتراف والتسليم بحقيقة الوحدة اليمنية أرضاً وإنساناً وكان ذلك بالتوقيع على اتفاقية اندماج النظامين في نظام سياسي لليمن الواحد فلم يكن ذلك إعادة اعتبار للوحدة نفسها وإنما محاولة لإعادة الاعتبار لقوى النظامين ورموزهما.ولا فضل لأي من النظامين أو زعمائهما بتحقيق الوحدة فالفضل لله وحده سبحانه وتعالى. كيف لا وأحدهما قد سقط وانهارت مؤسساته في حرب 1994م ، أما الثاني فنشأت القضية الجنوبية بسبب فساده وكذلك نشأ الإرهاب والتمرد الحوثي ، إلى ان انقسمت العاصمة صنعاء نفسها إلى شطرين في ذروة حكمه عام 2011م. فأنّى لهذا أو ذلك ان يدّعي زوراً و بهتاناً انه قد حقق الوحدة أو صانها أو دافع عنها ؟، وكيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟ واحتفالنا بالعيد الرابع والعشرين كعيد للوحدة اليمنية إنما لأن قوى الشطرين وزعمائهما قد استسلما لحقيقة الوحدة واقرا بذلك بالتوقيع على اتفاقية إعلان الوحدة سلميا ، وشاركهما في ذلك التسليم والإقرار جميع القوى الدولية والإقليمية . أما قوى الحراك الجنوبي وأبناء الجنوب إنما يرفضون الوحدة الاندماجية بين النظامين أو ما يسمونه بنظام الوحدة الفاسد الذي أراد فرضه بالعنف والقوة العسكرية الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، ويوضحون ذلك بقولهم نرفض وحدة علي عبدالله صالح ، أي نظامه الفاسد. وإن كانا طرفا الوحدة يريدا ان يمنا بالوحدة على الله سبحانه وتعالى وهما في ذلك كمن يريد أن يمن على الله إسلامه، فيقول الله سبحانه وتعالى لا تمنوا عليّ إسلامكم ولكن الله يمن عليكم ان هداكم للإسلام ، وكذلك نقول لهم لا تمنوا على الله والشعب بالوحدة، ولكن الله ثم الشعب يمنون عليكم ان هداكم الله للوحدة وشجعكم عليها وأيدكم بها أبناء الشعب ، لكنكم نكصتم على أعقابكم فكان مصيركم إلى مزبلة التاريخ. مبروك لشعبنا وقواته المسلحة وكل المؤمنين والمسلمين عرباً وأعاجم بعيد الوحدة اليمنية ، ومبروك للقيادة السياسية والحكومة بهذا العيد وإلى الأمام. والله من وراء القصد،،،،،