بمناسبة عيد الأضحى.. مركز ''الملك سلمان'' يسعد آلاف الأسر المحتاجين في اليمن    الودُّ عامرٌ بين الحوثي و«القاعدة» في اليمن    75 مليون دولار يلحسها وزير الداخلية "إبراهيم حيدان" قيمة بطاقة شخصية    ارحموا الريال    الحكومة الشرعية تعلن إطلاق سراح عدد من السجناء بمارب و3 محافظات أخرى    مشروع كويتي ضخم في مارب    فرار عنصر حوثي بعد قتل عمه في صنعاء رغم حصار منزله.. والمليشيات تتجاهل الحادثة!    بعد إعلان الريال التعاقد معه.. مبابي: "فخور بالانضمام إلى نادي أحلامي"    جدول مباريات وترتيب مجموعة اليمن و الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    كريستيانو: أشعر بالفخر الشديد بعد موسمي مع النصر    الحوثيون يوقفون منشأة صرافة جديدة ويمنعوها من العمل في صنعاء    احتجاجات غاضبة في عدن وإغلاق عدد من الشوارع.. ماذا يحدث؟    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    وثيقة تكشف عن مديونية كبيرة للبنوك التجارية والإسلامية لدى البنك المركزي    مسار السلام في اليمن .. اتجاه نحو العودة إلى نقطة الصفر واخر يفتح بصيص تفاؤل وبينهما مشكاة ضوء خافت    - 17مليار دولار ارتفاع ثروة أغنى أغنياء روسيا خلال السته الأشهر من 2024    - توقعات ما سيحدث لك وفق برجك اليوم الثلاثاء 4يونيو    الرئيس الزُبيدي يوجه بمخاطبة واستكمال إجراءات نقل مقرات المنظمات إلى عدن    وديا ... إنجلترا تضرب البوسنة    صاحب ومالك "قوات درع الوطن" يصر على العبث بأمن ساحل حضرموت    محلل سياسي يطالب الدول الإقليمية أن تكون سندا للجنوب    شقيقة "الحرازي" مدير شركة "برودجي" تكشف عن تفاصيل صادمة أصابت الجميع بالذهول والدهشة خلال جلسة الحكم بالإعدام    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    صفعة قوية للحوثيين في قلب العاصمة صنعاء و تجار العاصمة يتحدون مع عدن    نهب وتدمير للاقتصاد الوطني.. كيف يعبث الحوثيون بالقطاع الزراعي؟    الحوثيون يزرعون الموت في الحقول: مزارع يمني يفقد ساقه في انفجار لغم(صورة)    "اليمنيون ذولا مثل الخليل العربي الأصيل": الفنان المصري احمد حلمي يُشيد باليمنيين ويُعبر عن حلمه بزيارة اليمن(فيديو)    "حوثي يقتل ابن عمه ويحرق سيارته: قصة جريمة قتل تكشف الظلام الذي يخيم على صنعاء"    ميليشيا الحوثي تعلن استخدامها لسلاح جديد    ايثان يدعم مبابي    الوزير الزعوري ونائب محافظ عدن يضعان حجر أساس مشروع مركز الأطفال ذوي الإعاقة بمدينة الشيخ عثمان    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    قبائل يافع حضرموت: يرفضون دخول قوات عسكرية إلى ساحل حضرموت غير نخبتها    الرئيس الزُبيدي يوجّه بمخاطبة المنظمات الدولية لاستكمال نقل مقراتها إلى العاصمة عدن    ارتفاع مبيعات شركة هيونداي موتورز بنسبة 1.9 بالمائة    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    عودة التيار الكهربائي إلى مدينة مأرب بعد انقطاعه لساعات إثر خلل فني    مليشيا الحوثي تقتحم مكتب حكومي وتختطف أحد الموظفين    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    بحوادث متفرقة.. أربعة أشخاص ينهون حياتهم في إب خلال يوم واحد    محمد البكري و أحمد العيسي وخلال سبع سنوات دمرا حياة شعب الجنوب    خبير آثار: ثور يمني يباع في لندن مطلع الشهر القادم    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    خراب    الوجه الأسود للعولمة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوحدة أكسير الوجود الأسطوري وهاجس النضال الوطني
نشر في لحج نيوز يوم 23 - 09 - 2010

أكدت شخصيات سياسية أن الوحدة اليمنية شكلت هاجساً وطنياً وهدفاً استراتيجياً لدى جميع القوى الوطنية والحركة الوطنية منذ نشأتها خلال النصف الأول من القرن العشرين حتى تم تحقيقها في 22 مايو 1990م.
وأشاروا في هذا الاستطلاع أن هاجس الوحدة ليس وليد العهد أو الصدفة بل كان هماً وطنياً لازم الثوار والمناضلين في جبهات القتال ومعارك النضال الوطني خلال قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر.
وأضافوا: إن الاستقطاب الدولي والإقليمي والآيديولوجيا السائدة آنذاك بمعسكريها الشرقي والغربي كعوامل ظاهرة قد كانت أسباباً أساسية أسهمت في إطالة زمن التمزق..
حُلم جميل
في البداية يتحدث الأخ محمد الخضر ناصر عشال قائلاً:عندما كانت تهل علينا ذكرى مناسبة من المناسبات الوطنية لا تستطيع مشاعر أي إنسان عاش أزمان التمزق أن يفصل استذكار هذه المناسبة عن أمر الوحدة، وهذا الهاجس كان له شعور لا إرادي طاغٍ على المشاعر كلما حلت ذكرى الثورة 26 سبتمبر أو 14 أكتوبر أو يوم الاستقلال 30 نوفمبر، شعور يكتسح أجواء المناسبة فتحلق فيه أرواح الناس تنظر في يقظة حقيقية إلى حلم جميل.
وإذا كان لنا اليوم أن نعود بالذاكرة إلى أزمان مضت قبل إعادة توحيد وطننا وشعبنا، وأن نتساءل عن أسباب تأخر تحقيقها أو أن نقوم بمحاكمة جملة الظروف بكل عواملها، ذاتية وموضوعية، والتي مثلت في مجموعها تاريخاً امتد منذ الاستقلال في 30 نوفمبر 67م حتى صباح يوم 22 مايو 1990م فإن الاجابة على ذلك السؤال وتعرية ما كان مستوراً عن عامة الناس لن يكون أكثر من قول أن الاستقطاب الدولي والاقليمي والآيديولوجيا السائدة آنذاك بمعسكريها الشرقي والغربي كعوامل ظاهرة قد كانت أسباباً أساسية أسهمت في إطالة زمن التمزق.
ويضيف:ولعل المتأمل بعمق والناظر بتفحص في ثنايا تلك الظروف والأسباب سيكتشف أسباباً أخرى أكثر خبثاً سعى أصحابها إلى تحقيق مآرب أكثر عمقاً مما هو ظاهر في ذلك الزمن.
فإذا كان لنا أن نفهم أن الصراع الذي دارت رحاه في زمن ما كان يسمى بالحرب الباردة، قد كان صراعاً لتقاسم المصالح والهيمنة الاقتصادية من قبل المنظومتين، الرأسمالية والإشتراكية وبسط نفوذ كل منهما على أكبر قدر من مساحة العالم لاستنزاف ثروات شعوبها، لاحظوا أن محصلة أو جوهر نظرية الإشتراكية العلمية وكذا عقائد الرأسمالية الغربية، فإن كليهما جوهرهما الاقتصاد »الثروات«.
نعم ..إذا كان لنا أن نفهم ذلك الصراع بسطحية على ذلك النحو، فإننا أيضاً ببساطة نقول أن منظري وساسة كلا المعسكرين خلال تلك الحقبة، وما سبقها أيضاً، قد كرسوا جهودهم لاستغلال تلك الظروف لإبقاء الشعوب والدول التي كانت ساحات للصراع أكثر تخلفاً وأشد تمزقاً لا خدمةً لآيديولوجيا اقتصاد يضمن لهم استمرار تدفق مواد خام لإستدامة الرخاء عندهم، بل لهاجس أكثر شيطانية وأشد لؤماً يتمثل في نظرة الاستعلاء على الشعوب وتأصل روح العداوة والعنصرية عندهم من منظور عقائدي ديني استغل غفلة المجتمعات وإنشغالها بما فرضه عليها واقع تلك الحقبة من الصراع العالمي، وباعتبار بلادنا غير بعيدة من تلك الصراعات، بل انها كانت احدى نقاط التجاذب في ذلك المزمن ووقوعها على خارطة المساحة العربية التي كانت ولا زالت مطمعاً اقتطع منها جزءاً حبيباً مُلّك لغير أهله (فلسطين)، وبالتالي فإنهم لكي يشتتوا قدرات شعوب هذه المنطقة ويضعفوا قواها فإنهم يسعون بكل دأب، ويسلكون كل السبل لإبقائها ممزقة بل وتمزيق كياناتها القائمة إلى أشلاء، وهو ما يجعلنا نجزم بكل ثقة وصدق وقوة ارتباط هذا السبب وتأثيره على وحدة بلادنا فما نراه اليوم بكل وضوح وما يحدث ليس ببعيد من مخالب تلك الأيادي الآثمة من خلال الدعوات المريضة والأصوات النشاز أو من خلال التستر برداء الدين لزعزعة أمن واستقرار بلادنا.
وما يجري في السودان والجزائر والصومال والعراق، ناهيك عما يجري في كثير من دول المنظومة الأسلامية أكثر وضوحاً.
ويشير عشال إلى أن قراءة التاريخ بقلبٍ خالٍ من نوازع الرغبات والشهوات المأفونة وعقلٍ نظيف لم تتلوث تلافيفه بأحكام مسبقة سوف تتجمع وتنتظم أمامه الحقائق، كما هي لترسم صورة واحدة متناسقة جميلة تعبر عن ذاتها بذاتها لا يرى جمالها ولا يتلذذ برؤيتها من كان قلبه أعمى لأنها »لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور«، لذلك فإنه حري بنا في هذا الوطن أن نرفع رؤوسنا وننظر إلى الأمام لنبصر الطريق فنمشي نحو المستقبل واثقين خيراً من الإلتفات دوماً إلى الخلف فتكثر عثرات الملتفتين فيقعون على وجوههم فلا يدرون أي وجهة كانوا يسيرون إليها.
إننا يجب أن نأخذ عبرة من التاريخ المعاصر إذ نرى الأمم اليوم تتجمع في كيانات واحدة قوية، بعد أن كانت أشتاتاً لا يجمعها إلا مصالح دنيوية، كما هو حال أوروبا اليوم ومعها من صارت إليهم من أمم الاتحاد السوفيتي بعد أن جربت لزمنٍ يسير كيف يكون حال الواحد لوحده!!
إذا كان حالهم كذلك ألسنا نحن أحوج ما نكون إلى مثل ذلك التوحد لا سيما ونحن نرى الأخطار قد أحاطت بنا من كل جانب كما تتداعى الأكلة على القصعة كما قال سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه.
لماذا لا نمتلك قدرة الإصرار على أن نجعل غدنا هو الأفضل مع يقيننا أن الطريق ليست مفروشة بسجاد محفوف بالورد والظلال دائماً بدلاً من البحث عن أقرب الخيارات واعجزها ونسلك أقصر الطرق وان كانت تفضي إلى المهاوي اننا مسئولون، نحن جيل هذا الزمان أمام الله عز وجل عن وحدتنا والحفاظ عليها ماذا نقول ونرد على الله عز وجل إذا سألنا لماذا فرطتم وقد أمرتكم (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)؟
هل تمثلنا في سلوكنا هذا الفرض الإلهي وهل نحن مستجيبون لهذا النداء السماوي أم أنه لا زال في النفوس شيء من الحنين إلى الجاهلية؟
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر كما قيل فإن لنا في المقولة الخالدة (نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره اذلنا الله)، فعزتنا تكون في الاتباع والتسليم بقواعد ديننا والامتثال لروحها، ونعي أنه لن يتغير حالنا هذا إلاَّ إذا غيرنا ما بداخل أنفسنا وأرغمنا رغباتنا وأهواءنا للانصياع إلى الخير، ولكن لن يكون ذلك إلاَّ حينما لا يكون الخارج كعبتنا ولا العّداد والنواح هي الأوراد التي تحمسنا وتشحذ هممنا في طريقنا الشاق لبلوغ غدنا الأفضل وعزتنا المنشودة.
هدف استراتيجي
وقال الدكتور سمير العبدلي - نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني - إن الوحدة اليمنية شكلت هاجساً وطنياً وهدفاً استراتيجياً لدى جميع القوى الوطنية والحركة الوطنية منذ نشأتها خلال النصف الأول من القرن العشرين حتى تم تحقيقها في 22 مايو 1990م فمن يقرأ أدبيات وبرامج الحركة الوطنية سواء في عهدي الإمامة والاستعمار أو في عهد التشطير يلاحظ أن الوحدة اليمنية كانت حاضرة بقوة في مجمل تلك الأدبيات فضلا عن تجسيدها في الواقع العملي من خلال لجوء الثوار في كل شطر إلى الشطر الآخر عندما تتأزم الظروف السياسية وتزداد الملاحقة في أحد الشطرين وانخراط الثوار من كلا الشطرين ومشاركتهم في قيام ثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر والدفاع عنها كما شكلت الوحدة اليمنية هدفاً حتمياً للاحزاب في الشمال والجنوب ومنها الحزبان الحاكمان الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام وكذا الأحزاب التي كانت تعمل تحت السطح بسبب منع التعددية الحزبية في كلا الشطرين قبل الوحدة كما كانت هدفاً لجميع القوى بما فيها النقابات العمالية والاتحادات الطلابية في الداخل والخارج وعلى سبيل المثال فقد عملت أنا شخصياً سكرتيراً لرابطة طلاب اليمن في القاهرة وكان هذا حال الرابطة تضم طلاباً من الشمال والجنوب رغم التشطير والصراع الذي كان قائما بين النظامين آنذاك وكان هناك روابط طلابية مماثلة في سوريا ودول أوروبا الشرقية وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة وكذا كنا ننظم نحن الطلاب يمنيين في مصر فعاليات مشتركة ترفع شعار يمن واحد كالفعاليات الثقافية والرياضية والندوات والمحاضرات.. إلخ
واستطرد قائلا: إن ثورة 26 سبتمبر جاءت تتويجا لنضالات الشعب اليمني ضد الحكم الإمامي المستبد والكهنوتي وكانت المحطة الأولى التي ارتكزت عليها ثورة 14 اكتوبر وتحقيق استقلال الجنوب المحتل في 30 نوفمبر 1967م وكذا تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990م وتكتسب هذه الثورة أهمية كبيرة ولها مكانة خاصة في قلوب ونفوس الشعب اليمني بدليل أن جميع أبناء اليمن في الشمال والجنوب هبوا للدفاع عنها وسالت دماؤهم الزكية في مختلف المناطق التي جرت فيها معارك الدفاع عن الثورة ضد القوى الإمامية المتخلفة والمرتزقة التي جلبتهم الدول الاستعمارية والإقليمية المناهضة للثورة..
وهكذا ظلت الوحدة هدفا استراتيجيا يتطلع لتحقيقه جميع اليمنيين حتى جاءت اللحظة التاريخية وتهيأت الظروف الداخلية والدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد المنظومة الاشتراكية، حينها استطاع قادة الشطرين في المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني اقتناص هذه الفرصة السانحة فبادروا إلى تحقيقها بالحوار والتفاهم وبالطرق السلمية رغم أنه كان هناك قوى داخلية واقليمية كانت تعمل على إعاقة تحقيق الوحدة اليمنية لأنها ترى فيها خطرا على مصالحها الضيقة وقد رفعت شعار الوقوف ضد الدستور والوحدة بحجة أن الحزب الاشتراكي اليمني هو حزب ملحد وعلماني ولا يمكن التوحد معه ومن هذا المنطلق نظمت تلك القوى بشقيها الديني والقبلي مظاهرة مليونية ضد الوحدة ودستور دولة الوحدة ، وبعد ذلك أي بعد تحقيق الوحدة اليمنية انضوت تلك القوى في المنظومة السياسية وشكلت حزباً سياسياً في ظل التعددية السياسية والحزبية التي ترافق إعلانها مع تحقيق الوحدة اليمنية إلا أنه من المفارقات العجيبة أن تلك القوى التقليدية والدينية قد تخلت فيما بعد عن حلفائها بالأمس ودخلت في تحالف جديد مع من كانت تعتبرهم أعداء في الأمس.
وأضاف الدكتور العبدلي: إن الشعب اليمني كان واحداً وسيظل موحداً بدليل أنه حافظ على وحدته في حرب صيف 4991م وتمكن من احباط مشروع الانفصال، رغم أنه كان مدعوماً من بعض دول الاقليم مادياً ومعنوياً وتسليحاً إلا أنه ومع الأسف الشديد قد تولد بعد حرب صيف 4991م شعور لدى قطاع واسع من أبناء المحافظات الجنوبية بالاحباط وخيبة الأمل وشاعت بين الشباب ثقافة الانفصال والكراهية جراء الممارسات الخاطئة التي قام بها بعض المسؤولين والقائمين على الحكم في تلك المحافظات في حين أن هؤلاء الشباب لم يعيشوا مآسي التشطير ولم يذوقوا مرارته.
وفي اعتقادي أن الخروج من هذا المأزق وإعادة روح المحبة والتآلف بين أبناء الوطن لن يتحقق إلا من خلال ايجاد مشروع وطني بكافة أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وإقامة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية واشعار الشباب بأن الوحدة تمثل مصلحة حقيقية لهم وتعبر عن تطلعاتهم ومستقبلهم ومن ثم يمكن الحديث عن تعزيز مبادئ الولاء الوطني والتمسك بالوحدة في إطار مشروع استراتيجي وبناء دولة حديثة ينضوي فيها كل أبناء الوطن والقضاء على كل أشكال المشاريع الصغيرة التي بدأت تظهر هنا وهناك نتيجة غياب مشروع الدولة والرؤية الاستراتيجية لدى النخبة السياسية.
هَمْ وطني
أما الشيخ/ محمد حسين عيسى الأمين العام المساعد لملتقى ابناء شهداء ومناضلي الثورة اليمنية فيقول:
تجسد هاجس الوحدة الوطنية في روح الثوار بل في روح كل اليمنيين كعقيدة ومبدأ لا يمكن التخلي عنه سواء كمبدأ الحكم الامامي البائد أو ابان الاستعمار البريطاني البغيض .. وهاجس الوحدة الوطنية ليس وليد العهد أو الصدفة بل كان هما وطنيا لازم الثوار والمناضلين في جبهات القتال ومعارك النضال واعتبر هدفاً من أهداف الثورة اليمنية ( 26 سبتمبر و14 أكتوبر) .
وأضاف: كان الثوار يحملون علي عاتقهم همّ الثورة اليمنية التي انطلقت شرارتها من الحافظات الشمالية في مواجهة نظامين مختلفين النظام الاستعماري والنظام الأمامي وتوحدت جهودهم في اصطفاف وطني كان الهدف تحرير الأرض اليمنية لإقامة نظام يمني واحد وهو الهم الذي حمله رجال الثورة على عاتقهم طوال فترة النضال إلا ان الإرهاصات التي حدثت بعد تحرير الجزء الشمالي أتاحت الفرصة بعد خروج المستعمر من الجزء الجنوبي من الوطن لأن تحل التجزئة بإقامة دولة الجنوب اليمني ودولة الشمال اليمني لكن ظل هاجس الوحدة قائما في نفوسهم وبعد أن هدأت الصراعات في الشمال من الوطن جرت العديد من اللقاءات الهادفة إلى توحد الوطن اليمني ناهيك عن هتافات الشعب في شمال الوطن وجنوبه المطالبة بإعادة توحيد الأرض اليمنية التي جزأها النظام الامامي والاستعمار البريطاني حتى تحقق ذلك في الثاني والعشرين من مايو سنة 1990م على يد واحد من رجال الثورة فخامة الأخ علي عبدالله صالح- رئيس الجمهورية - الذي حمل هم الوحدة منذ نعومة أظافره وفي جبهات النضال الثوري ونستدل على ذلك بقول الشاعر النعمان الضمدي الذي ارتحل من ضمد في المخلاف السليماني الى مشارف عدن ولحج عندما قال شعرا:
قالت قلوسي وقد وافيت مغتبطا
لحجا ولاحت لنا الاعلام من عدن
امنها الارض ياهذا تريد بنا
فقلت كلا ولكن منتهى اليمن
وزيارته هذه كانت قبل الاستعمار البريطاني وقصد بقلوسي الابل والاعلام هي الجبال وهذا دليل على وحدة الارض اليمنية التي جزأها الاستعمار والنظام الامامي البائد..
هوية نضالية
فيما قال الدكتور همدان دماج - نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني -أن الوحدة اليمنية لم تكن مجرد فكرة في رؤوس الأحرار اليمنيين قبل قيام الثورة اليمنية أو توجهاً سياسياً لهم فحسب بل كانت ثابتاً عقائدياً ووطنياً ومكوناً أساسياً لهويتهم النضالية وبالتالي كاد الايمان بوحدة اليمن أرضاً وإنساناً ومصيراً ومستقبل أن يكون من البديهيات لأي مناضل بل ولأفراد الشعب اليمني الذي كان يرزح تحت واقع الظلم والتخلف والاستعمار..
وأضاف: عدن كانت مدينة المستقبل لكل اليمنيين الذين ينشدون الخلاص من واقع التخلف المرير حتى وإن كانت هي نفسها ترزح تحت وطئة الاستعمار الأجنبي ، حيث تشكلت في هذه المدينة اللبنات الأولى للطريق النضالي الطويل الذي مهدته اليمن منذ العقد الرابع من القرن العشرين..
وأشار إلى واحدية النضال والقيم لدى اليمنيين في تلك الفترة بتفاعل أبناء عدن مع طلائع الأحرار وتبني قضاياهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم وافساح صفحات الجرائد التي كانت تصدر من عدن لمقالاتهم الثورية التي كانت تنتقد بشكل واضح وصريح الوضع المأساوي الذي كان يعيشه أبناء اليمن تحت حكم الامامة الكهنوتي..
ويستدل دماج بما كتبه الأستاذ محمد لقمان المحامي - رئيس تحرير صحيفة »فتاة الجزيرة« الأسبوعية التي احتضنت قضية الأحرار منذ البداية وهو يصف وصول طلائعهم إلى عدن وهو الشيخ مطيع بن عبدالله دماج الذي كان يعرف بالطبع دماج وذلك في يوم 41 أبريل 4491م قبل أن يتبعه عدد آخر من المناضلين منهم الزبيري والنعمان ليأسسوا حركة الأحرار اليمنيين إذ يقول لقمان: »هذا يوم ستذكره فتاة الجزيرة بخير كثير لأنه مطلع شعور اليمن بضرورة السير في موكب الحضارة الإنسانية، وصل في ذلك اليوم المطيع دماج وكان الوقت حوالي الظهر إلى بيتي في حافة حسين، ولم أسمع به من قبل ولم أعرفه ولم يأت إلى بتوصية من صديق، وكان يلبس سترة بيضاء قصيرة وإزاراً يمانياً إلى الركبتين، وعلى رأسه عمامة ويرتدي حذاءً من الجلد كالتي يلبسها البدوي عادة في الصحراء وعندما وصل كان متحمساً كثير الألم، بل كانت كلماته عنيفة حزينة..
قال: جئنا إلى فتاة الجزيرة.. نحن شعب مظلوم ونحن شعب ما لنا حق ولا حرية.
وبهرتني صراحة الشكوى! وسيعذرني القارئ إذا علم أنني استمعت إليه دون أن أبدي رأياً.
قلت:وهل تستطيع أيها الأخ أن تشرح لنا هذه المظالم؟
قال: بلى! كل يماني على وجه الأرض يستطيع ذلك، ما أسهل شرح الظلم في اليمن، إنني ضيق بالحالة التي وصلنا إليها في اليمن، إن الذي أغراني بالسفر هو ما قرأته في صحيفتكم عن اليمن!!
وأخذ المطيع دماج يشرح سوء الحال في اليمن.. وسألته إن كان يستطيع أن يكتب هذه الآلام باسمه الصريح ، وكان الايجاب من المطيع دماج..
وظهرت فتاة الجزيرة تحوي أول مقال للمطيع دماج، لم يكن هذا المقال سهلاً للقارئ ، إن الذي يعرف اليمن يدرك مدى هذا التصريح في جريدة سيارة باسم صريح لصاحبه أهل وأقارب في اليمن نفسه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.