معظم المنشغلين بأحوال المرأة اليمنية, يعتبرون أن إخضاع كل أمر يعينها للنقاش, إنما هو بدافع الخوف عليها من الوقوع في الزلل, و حماية لها من أن تقع فيما وقع فيه باقي نساء المسلمين. فهم يعتقدون أنه ليس من الضروري إشراكها في هذه المناقشات والمداولات, أو أخذ رأيها, فهم على وعي كافٍ بمصلحتها, وما الذي تحتاجه, وماهو الفائض عن حاجتها خاصه و أنه لا حول لها ولا قوة, يغلب عليها الجانب العاطفي على المنطق, والواقع, والعقل. والويل ثم الويل لمن يتجرّأ ويعترض على تفكيرهم هذا, فالمناقشة في هذه المواضيع من وجه نظرهم لا ترمي إلا لإغواء هذا الكائن الضعيف, الرقيق, وجرّه إلى مستنقع الرذيلة, والعياذ بالله. لا أعتقد أن من نصبوا أنفسهم متحدثين باسم المرأة, يخشون عليها من الزلل كما يزعمون, فلو كان الأمر صحيح فهو الكارثة بعينها, خاصة وأن اعتقادهم هذا يعني أن جميع نسائنا لسن أهلاً للثقة, فإن كنا كذلك فكيف سيكون حال من ربّت الرجال, بل كيف سمحوا لأنفسهم أن تكون أمّاً لأولادهم؟ أعتقد إن السبب بعيد كل البعد عما يصرّحون به, وأن ما يقومون به إنما هو بدافع الخوف من تغير وضع المرأة عما خططوا له, والذي سيُفقدهم (كما يظنون) السيطرة عليها, وهم الذين اعتادوا على بقائها تحت ظلّهم, مسيرة لا مخيرة.. لعلهم يجهلون أن الضغط كثيراً ما يولّد الانفجار, والشواهد كثيرة على ذلك, ولا داعي لسردها هنا, ويجهلون أيضاً أن قيامها بكسر الإطار الذي وضعوها داخله, لا يعني أبداً فقدانهم لهيبتهم, ووجودهم في حياتها, كما أن ضعفها وعدم قدرتها على مواجهة الحياة ليس دليلاً على رجولتهم, بل هو دليل على ضعفهم وعنفهم تجاه المرأة, ومصادرة حقوقها التي أقرّها الله لها, قبل أن تقرّها قوانين البشر, فليتركوا الحديث عن الدين, فهم أكثر الناس جهلاً بأحكامه.