عندما رأيته مضرّجاً بدمائه, مفزوعاً يمسك بيده الصغيرة طبيب؛ آلمتني الصورة وبشدّة، وظننت للوهلة الأولى أن الصورة لطفل من الوجع سوريا وقد نالت بيته براميل متفجّرة, وقبل أن أنهال لعناً على كهنة الكراسي والإنسانية المتعدّدة الأقنعة, وقبل أن أعذر عجزي عن مساعدته بالمسافات والحدود؛ أكملت قراءة الخبر لأصدم أن ذاك البريء لا يبعدني كثيراً, وبيني وبينه مسافة ساعة أو تزيد قليلاً..!!. «نصر» طفل مدينة ثلا في الثالثة من عمره, باغتته يوم السبت الماضي وهو في منزله آمناً قذيفة للمسيرة الشيطانية التي يقودها الحوثي اليوم, قذيفة أصابت شظاياها عينه وسائر جسده وأتت على منزله بالكامل ومزّقت جسد أخيه الذي يكبره بأربعة عشر ربيعاً أيضاً..!!. فقد «نصر» في ذاك اليوم الأسود عينه اليسرى وشوّهت الشظايا سائر جسده, فقد عينه اليسرى وهو لم يعِ بعد معنى كلمة «وطن» وسيعيها مؤكداً في تالي أيام الفقد الصعبة؛ لكن ذاك الوعي سيكون بعين واحدة وللأسف, عين واحدة لن تصدر عنها إلا نظرات حزن ومرارة ونقمة على إرهاب الحوثي. وربما علينا جميعاً، وقبل كل ذلك على وطن عجز عن حماية عينه الصغيرة من همجية تتار الحوثي وتركه بعين واحدة يتأمل ركام «وطنه الصغير» يرافقه صدى حسرات لن يعيها إلا من ذاق ويلات وظلم "المسيرة" حسرة ستبلغ كل من سيقف يوماً على ذاك الركام أن الأوغاد مرّوا من هنا. تفجير الجوامع, وتدمير بيوت المواطنين, وقتل الآمنين وترويعهم؛ هي أركان دين الحوثي؛ فلا تفوتنا فرصة الكفر به اليوم كما فعلنا في الماضي مع المرتد «العنسي» نُصرة لله ولنبيّه وللدين الحق. وحقيقة جور وظلم مليشيات المغول الحوثية بلغت اليوم مبلغاً لم يعد من الممكن قبول طول بال وهدوء الدولة عنه ونحن في انتظار ردٍّ حاسم تماماً كما يحدث مع مليشيات «القاعدة» فكلاهما الحوثي و«القاعدة» وجهان لعملة واحدة هي الإرهاب والتطرُّف. ليكن اليوم للدولة موقف واضح وصريح من كل المليشيات التي تحمل السلاح لتغتال به حلم وطن للجميع, وليكُن الخيار الآن واضحاً؛ إما تسليم السلاح أو المواجهة, سارعوا بذلك ليلتمس صغيري «نصر» لكم ولنا يوماً ما وغيره كثيرون عذراً, حين يعرف أن من سلبوه عينه على حين غرّة لم يطل بهم المقام ولم يعد هناك مكان من الممكن أن يمرّ فيه الأوغاد. همسة.. حين يلفّك الظلام من كل جانب, ويسلبك الأوغاد إحساس الأمان والحرية وحق الحياة؛ لا قيمة للمبات المضيئة على القمم وعلى واجهات المؤسسات الحكومية احتفالاً بالعيد؛ إذ لا قيمة للعيد في غياب الوطن..!!.