كانت الحرب ضد الإرهاب تنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية وأبرزها محافظتا أبين وشبوة, حرباً حقيقية وجادة بقرارات من رأس هرم السلطة والقيادة السياسية. وكان القرار لا يستهدف القضاء على الإرهابين في المحافظات الجنوبية وحسب بل وملاحقتهم إلى جميع المحافظات التي سيفرون إليها للإجهاض عليهم نهائياً. إلى أن صار الاحتمال الأرجح هو هروبهم إلى محافظة عمران وما جاورها, حيث تتواجد الميليشيات الحوثية ومليشيات قبلية, وهذه مناطق حرصت القيادة السياسية على عدم الزج بالجيش للحرب ضد الحوثيين. وهذا التطور سيجعل المهتمين وأبناء الشعب يشيرون بأصابع الاتهام نحو الحوثيين كعامل ذاتي تسبب في عرقلة وإفشال حملة الجيش للقضاء على قوى الإرهاب. . إلا أن تطاول الحوثيين بشن عدوانهم على معسكرات الجيش المتمركزة في عمران وإصرارهم على إسقاط المحافظ والقائد لأحد المعسكرات في عمران لفرض هيبتهم على محافظة عمران كما فرضوها على محافظة صعدة اضطرت الدولة لتعزيز معسكراتها والسماح للطيران بتوجيه ضربات وقائية لدعم الجيش ضد الحوثيين, فصارت الكرة في ملعب الحوثيين, وعليهم تقع مسئولية البحث عن مخرج سليم من هذه الأزمة أو الورطة التي لم يحسبوا حسابها مسبقاً. ولا شك هذه المرة أن السحر انقلب على الساحر فالحروب الست السابقة ضد الحوثيين في صعدة اتهمت بها الدولة, لكن الحرب الحالية المتهم فيها الحوثيون كونهم المعتدون, نتيجة توسعهم خارج صعدة والاعتداء على معسكرات الجيش والنقاط الأمنية والمصرون على تغيير مسئولي الدولة كالمحافظ وقائد أحد المعسكرات, والمعتدون على شيوخ حاشد. والحد الأدنى من واجبات الدولة أن تؤمن معسكراتها وأن يلتزم الحوثيون بوقف أي اعتداء أو تحرش بالجيش ومسئولي المحافظة والمدنيين والعسكريين مقابل أن لا يتدخل الجيش لصالح أي من طرفي النزاع, لا الطرف الحوثي ولا طرف القبلي. وعليهم تحمل مسئولية إعاقة الحرب ضد الإرهاب في عمران والمناطق المحيطة حيثما يتواجد الحوثيون. فالدولة لا يمكن أن تعيد تكرار تجربة النظام في سوريا بالتعامل مع الحوثيين كما يعامل حزب الله اللبناني, فتعلن الحرب على الآخرين تحت يافطة تهمة الإرهاب فصعدة ليست لبنانوعمران وغيرها ليست سوريا. هذه قراءتنا المتواضعة للتطورات والأحداث في الحرب ضد الإرهاب والحرب في عمران, وللسياسة منطقها ومتغيراتها، نسأل الله أن يجنب بلادنا الحروب والفتن والله من وراء القصد.