يبدو أننا باليمن كُتب علينا أن نعيش في دائرة من الأزمات اللا متناهية، وكل أزمة تقودنا إلى أزمة أخرى أشد وأقسى، وكلما لاحت في الأفق بوادر للخلاص والانعتاق من أزمة ما؛ نجد أنفسنا وقد أُدخلنا إلى أتون أزمة جديدة. هذه الأزمات والتي يسمّيها البعض “مفتعلة” تزداد حلقاتها وتتشابك لتزيد من معاناتنا يوماً بعد يوم، بينما تقف الجهات المعنية عاجزة عن تفكيك هذه الأزمات والكشف عن مفتعليها، ليبقى المواطن اليمني رهينة لهذه الأزمات ومقيّداً بمبرّرات واتهامات واهية لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تخفّف عنه وطأة وألم المعاناة. أزمات لا تنتهي، ويبدو أنه لا أمل في الانعتاق في ظل بقاء ثقافة الحقد والكراهية، وفي ظل تغليب المصالح الحزبية والشخصية والقبلية على المصالح العليا للوطن والمواطن. إن الصراع السياسي المحتدم بين مختلف الأطياف السياسية في البلاد يطيل من أمد الأزمات، ويفتح المجال لصراعات أخرى كما هو الحال في عمران وأبين وحضرموت وشبوة وغيرها، وكل ذلك ينعكس تلقائياً على الحياة المعيشية لليمنيين ويهدّد أمنهم واستقرارهم. وبالنظر إلى أزمة المشتقات النفطية واستمرار أعمال التقطُّعات والتخريب لخطوط نقل الكهرباء وأنابيب النفط وتنامي الأعمال الإرهابية لتنظيم «القاعدة» يتساءل المواطن عن دور الحكومة في تجاوز هذه الأزمة التي تسبّبت في شل الحياة وحوّلت السوق اليمنية إلى سوق سوداء للمتاجرة بالمشتقات النفطية والتلاعب بأسعارها وغياب دورها في إنهاء الاعتداءات المتكرّرة لخطوط نقل الكهرباء وأنابيب النفط والتقطُّعات التي تنفّذها عصابات دأبت على الاسترزاق من هذه الأعمال التخريبية، ناهيك عن دورها في تطويق الصراع في عمران وإخماد بؤر التوتر في أكثر من منطقة..؟!. منذ أكثر من ثلاثة أشهر وأزمة المشتقات النفطية تتفاقم ولم تتمكّن الأجهزة الحكومية من وضع حدٍّ لها ومعالجة أسبابها، واقتصر دورها على إطلاق التصريحات بتوفر المشتقات النفطية وتبرير بقاء الأزمة بتسريبها إلى السوق السوداء..!!. فإن كان هنالك تسريب للمشتقات النفطية إلى السوق السوداء؛ فأين دور الحكومة الرقابي على المحطات وعلى من يقومون بالمتاجرة والتلاعب على حساب المواطن الذي أنهك من الوقوف في طوابير بحثاً عن دبة بترول أو ديزل من أجل الاستمرار في ممارسة حياته بعيداً عن أية منغصات. شحّة هذه المشتقات هي وراء بقاء الأزمة ونشاط السوق السوداء، أما إن توفرت بكميات كبيرة فلا نعتقد استمرار هذا التلاعب وبقاء السوق السوداء رائجة كما هي عليه اليوم. الحكومة هي المعنية أولاً وأخيراً في إيجاد الحلول لكل الأزمات المرتبطة بحياة الشعب، وهي المسؤولة أيضاً عن مكافحة كل الظواهر والاختلالات التي حوّلت حياة المواطن إلى جحيم، وأثقلت كاهله بمزيد من الأوجاع والمعاناة. إن المواطن لا يريد من الجهات الحكومية إطلاق تصريحات وتبريرات؛ بقدر ما يريد منها إجراءات ومعالجات ملموسة تشعره أن لديه حكومة تعمل من أجله ويهمّها إنهاء كل صور وأشكال المعاناة التي كدّرت صفو حياته.