تعددت الأزمات ومصدرها واحد، هي سلطة تفننت في افتعال تلك الأزمات، فما تكاد تمر ساعة على المواطن اليمني حتى تداهمه فيها بمحنة وأزمة، فمن البحث عن غاز الطبخ المنزلي إلى انعدام مادتي الديزل والبترول، وجميعها ضرورية في حياة الناس، ومن جديد تقف المركبات المتراصة في طوابير طويلة أمام المحطات في انتظار الديزل والبترول ليصبح حديث الساعة واللهم الأكبر الذي يصحو وينام الناس عليه، ليأتي شبح التجار وسماسرة السوق السوداء ويجهز على ما تبقى للمواطن من أمل. (أخبار اليوم) كعادتها تلمست معاناة المواطن جراء انعدام مادتي الديزل والبترول ورصدت انطباع المواطنين في محافظة عدن وخرجت بالتالي: أمام محطات البنزين يصاب المرء بالذهول، فمن جهة المركبات تقطع الشوارع وتتسبب في اختناق عملية السير ومن ناحية أخرى ترى الناس ومعهم ما يعرف "بالبراميل والدباب" متراصة بالمئات، فلا تدري من هو المواطن الذي يحتاج للبترول والديزل لقضاء حاجته ومن هو السمسار الذي يتاجر في السوق السوداء. سائقو الأجرة: واحد من الذين يكتوون بنار الأزمات الأخ/ جلال عبدالنبي – سائق أجرة – تحدث قائلاً: عندما تظهر أزمة البترول والديزل تبدأ المعاناة أولاً من حيث قلة الكمية المتوفرة مع زيادة الطلب والذي تنشأ معه السوق السوداء؛ لكن الواضح أن هناك تلاعباً كبيراً من بعض الأطراف والمشرفين بغرض التكسب. وأضاف جلال: يبقى بقية المواطنين ومنهم سائقو الأجرة أياماً في الطوابير ليحصلوا على لترات محددة وهذا إرهاق للبدن، خاصة مع ارتفاع حرارة الشمس، حتى إن الكثير من سائقي الأجرة توقفوا عن العمل. أضرار مادية وبدنية: هو الآخر عبدالله كدش – سائق أجرة – يرى أن الوقوف في الطوابير الطويلة في انتظار مادة البترول والديزل باعث للكآبة، بالإضافة إلى ما يترتب عليه من أضرار مادية واستهلاك نفسي ومادي. وتابع كدش: الوقوف تحت حرارة الشمس المرتفعة نتج عنه حالات إغماء وصداع وارتفاع الضغط والسكر، في المقابل يوجد من يستغل الأزمة المفتعلة ويتاجر بمادتي البترول والديزل بعد أن يدفعوا عمولة يحصلون بها على كميات كبيرة تستقطع من حصص الآخرين الذين لا يملكون إلا قيمة حاجتهم من البنزين، فيضطرون للوقوف أياماً طويلة أو يجبرون على شرائه من السوق السوداء. أزمات مفتعلة: عوض راجح يأتي من منطقة رأس العارة ليقف في طابور طويل يقول: توجد في منطقتنا محطة واحدة ويصل سعر الدبة البترول سعة (20) لتراً إلى 2700 ريال، ناهيك عن الطوابير وهذا ما دفعنا للمجيء إلى عدن، لكننا وجدنا أن الحالة أشد معاناة فنحن لم نحصل على حاجتنا مع أننا هنا منذ أيام تعطلت فيها مصالحنا. وأضاف عوض: لا يوجد قانون، فالمسألة فوضى وسمسرة وهذا ما تريده السلطة كجزء من خطتها في تنفيذ سياسة العقاب الجماعية، لكن الناس يدركون تلك الممارسات لافتعال الأزمات. تلاعب: المواطن جهاد إبراهيم قال: هناك تلاعب كبير في المشتقات النفطية وهناك خطة ممنهجة، بالإضافة إلى استغلال تجار السوق السوداء وهؤلاء وجدوا من يسهل لهم ذلك مقابل دفع المال "عمولة". واستطرد: يتم تعبئة الخزانات "البراميل" الكبيرة للسيارات، بينما ينتظر المواطن أو سائق التاكسي أياماً ليحصل على لترات قد لا تكفيه ليوم واحد ومقابل ما يتكبده من مرارة وهو يقف في الطابور الطويل. وعادت عدن: الأخ/ سليم محمود عبر عن الأزمة ساخراً بقوله: "عادت عدن" اليوم للطوابير الطويلة أمام المحطات التي تتوفر فيها كمية قليلة من المشتقات النفطية "الديزل والبترول" بعد أن أغلقت أكثر المحطات الخاصة أبوابها أمام المركبات بحجة انعدام الديزل والبترول ويتزاحم الناس في طوابير طويلة ليالٍ وأياماً أمام المحطات المتبقية وربما لا يحصلون على كفايتهم هذا إذا ما سلموا من سماسرة السوق السوداء وتشل حركة الناس وتتوقف المزارع والمصانع ومركبات النقل. الحقيقة المرة: لا زال الرأي العام عاجزاً عن فهم أسباب أزمة المشتقات النفطية ومن المتسبب فيها والمحللون الاقتصاديون يعزون تراجع إنتاج اليمن من النفط الخام إلى تفجير أنبوب النفط في محافظة مأرب، إلا أن الجميع يدرك تماماً أن ذلك جزءاً من سياسة النظام في اصطناع الأزمات.