بما أن المؤتمر حزب سياسي مدني يجب أن يظل كحزب سياسي مدني مهما كانت الظروف؛ ذلك أنه في انفلاته إلى فعل اللا سياسة واللا مدنية مثلاً، سيراكم البلد بمزيد من فعل التخلف والعنف والتحيزات ما قبل وطنية، وبالتأكيد ستكون النتيجة وبالاً على حاضره ومستقبله وطامة أخرى على البلد. المعنى أن على المؤتمر بالضرورة أن يستمر كرؤيا وطنية وليس كوعاء لتفريغ شهوات النفوذ والأنانيات داخل كيانه؛ أن يفهم مقتضيات المرحلة بمسؤولية أعلى، وأن يندفع إلى البرامج لا للمماحكات والانتقامات، أن ينتمي إلى أحلام الدولة المدنية ومقتضياتها؛ لا أن يستمر كأداة للتصفيق الاعتباطي والتحالفات الرثّة قبلياً أو ميليشياوياً التي لا أسوأ منها. بلغة أخرى عليه إعادة بناء ذاته شكلاً ومضموناً بالصيغ التي لا تستغل مقدّرات الدولة كما كان منذ نشأته، أن يتنظف ذاتياً من ذهنية الفاسدين فيه على وجه الخصوص ليقدّم نموذجاً حقيقياً فارقاً وربما ملهماً كما يراهن من يحلمون من داخله بتغييره، وفي المحصلة عليه أيضاً أن يسارع إلى إسعافاته الأولية والاستراتيجية لإنقاذ كيانه بكل شجاعة ونضوج من أجل أن يتجذر كحزب كما ينبغي لا كمجرد عبء على صيغة العمل السياسي المدني. باختصار.. هذا هو اختبار المؤتمر الآن، المؤتمر الذي يعد كياناً مهمّاً وعلى رأس الفاعلين في المشهد، بينما يجب عليه مواصلة مهام أن يتحقّق ويبدع معتداً بمسعاه المأمول من خلال تأجيج حضوره الوطني الفعّال؛ لا أن يستمر مخطوفاً وخاوياً وفق نزوات أفراد ليس من إبداع لهم سوى حماقات الشر وضغائنه للأسف. ويبقى التعويل كبيراً بالمؤتمر أن يرفد حاضر ومستقبل البلاد بالقيم المعتبرة غير الفاسدة، أن يقف إلى جانب المصالح العليا لليمن، وألا ينفصم بين فكره وممارساته، وأن يبث الروح الوطنية في الشعب بالضد من كل القيم المذهبية والمناطقية “السرطانية” اللا وطنية التي تريد أن تستشري في البلاد كما تفيد الوقائع. [email protected]