أشرت في حلقة سابقة أن بيتنا كانت طوال العام مقراً لمقيل الناس غير أنها في رمضان كانت أكثر ويظل الباب مفتوحاً طوال الليل نظراً لكثرة القادمين والذاهبين وكنت اقرأ في المعلامة عند عمي رحمه الله وكان الانطلاق إلى المعلامه بعد صلاة الفجر بدقائق توقيت خاص برمضان حتى (11) قبل الظهر، كان (عبدالله) بن عمتي تجاوز سنه (25)عاماً وكان يعاني ضعفاً في الحفظ وإلى جانب ذلك فيه مثالية في التدين متشدّد بالمقابل كان آخر اسمه عبدالله وهو بن عمتي الأخرى كان يغني (أنا يا بوي أنا) في نهار رمضان غير أن عبدالله المتشدّد أخذه الحنق وعند السحر كان عبدالله المغني يغالب النعاس في الدرجة في بيتنا ووالدي رحمه الله يعيد ترتيب المجلس بعد انقضاء السمر والوالدة تعد السحور وأخواتي معها, وعبدالله المتشدّد ودّع والدي ونزل الدرجة ورأى الطفل المغني يغالب النعاس فقال له: (هاه ..أنت الذي كنت تغني بالعصر : (ابوهوه أبوهوه)؟ فبادرنا جميعاً بالضحك, ثم سألنا عبدالله المتشدّد، لم لا تقول (أنا يا بوي أنا) ؟ فقال: يا خال حرام.. صيام.. والغناء حرام فكيف انطق وكيف اجمع بين حرمتين حرمة الغناء وحرمته في رمضان؟ وظل هذا الموقف محل تندّر؟ تسحّر في ضوء الشمس الحاج محمد في الليالي الأخيرة من رمضان, راح كالمعتاد يعاود كريمته (سلام العيد) فأقسمت مع زوجها أنه سيتعشّى معهم ويسمر ويتسحّر؟ ففعل, ولأنه لا يوجد قات أخذوا في الحكايات و..و.. حتى غلبهم النوم جميعاً غير أن الحاج محمد كان أكثرهم نوماً، فأفاقت الأخت في السابعة صباحاً فندمت أن أخاها الضيف لم يتسحّر، فأيقظت زوجها بهمس واتفقا على تقديم السحور للضيف بعدما اغلقوا النوافذ والباب وأشعلوا السراج, ثم أيقظوه (هاك السحور) فتسحّر بهناء وقال: سبحان الله أنا شابع نوم ومازال اليل طويلاً، فقالو له ستنام حتى يؤذن الفجر؟ وما أن غسل يديه بعد السحور فتحوا الباب فصعق الرجل فقالو له (صم) لا عليك فخرج ولم يصل نادماً غضباناً يردّد: الله لا كتب صلة الرحم هذه، وواصل صوم يومه. أخيراً كان أحدهم يخزن حتى السحور, ويرمي القات ويتسحر ثم ينطرح نوماً حتى أذان المغرب فيقوم يفطر وأحياناً يصلّي المغرب فقط ثم يأخذ القات وهكذا.. وفي أحد أيام رمضان دخلت عليه امرأة كبيرة السن وقالت له: اسمع هذه القصة ففتح عينيه وسألها عن الوقت فأجابته دقائق وسيفطر الناس: قال لها: هاتي القصة: قالت: قال لك: أن البعض لقي الكلب في رمضان فسأله: ماذا فعلت في الصباح؟ أجاب (نمت) في الظهر ماذا؟ أجاب (نمت) والآن بعد العصر ماذا ستفعل؟ قال سأنام؟ أضافت مخاطبة الرجل فما الفرق بينك وبين هذا الكلب؟ فانتفض وقال: أقسى يوم في حياتي وخرج والمرارة تخنقه وبقي دون عشاء حتى نصف الليل، ثم ترك النوم على الطريقة الآنفة.