وشكلت عملية التصفية الجسدية لقائد المنطقة الشمالية والغربية عبر خدعة الطيران العسكري المجاور الذي انزلق في مواجهة عسكرية لا تعنيه من الناحية الجيو سياسية فصلاً درامياً خطيراً رسم معالم العلاقات بين قطبي الطغمة المتسلطة ورفع شعاراً لا فكاك من تحقيقه وهو « يا أنا في الوجود والسلطة يا أنت فيهما» وازدادت حدة الاستقطابات داخل شبكة الضباط من القرى الضاخة لعناصر ضحلة الثقافة الأولية وضحلة الثقافة العسكرية ولكنها تحتكر المراتب والرتب العليا في الجيش والأمن والمخابرات وليس لها عقيدة فكرية بل تمتلك عصبية قروية قبلية وولاءات شخصية لكبار أعضاء الطغمة مصدر النفوذ والثراء.. وفي مطلع فبراير 2011م التم شباب من مشارب اجتماعية متعددة ملتبسة الرؤى والعقائد الهشة في تعز وصنعاء، حيث كان الشباب السريون للأمن السياسي والقومي في مقدمة هؤلاء الشباب لمعرفتهم المسبقة بالتجمعات التي كانت تثير الشارع كمجموعة توكل كرمان ومجموعة أحمد سيف حاشد وبعدئذ توالدت المكونات والتي انتظمت تحت شعاري “ إرحل” و«الشعب يريد إسقاط النظام» وكانت شعارات أقرب إلى هوى ومطالب المعذبين والمفقرين والمستبعدين والمقصيين وهي التي استقطبت مئات الآلاف من البشر الطيبين والعصاميين الذين تقدموا الصفوف للتضحية من أجل «التغيير» واستبدال بؤسهم ببصيص أمل يدفعهم نحو مستقبل يصون كرامتهم.. قطبا الطغمة العسقبلية استعدا لهذا المشهد واعتبراه ساحة صراع حاسم وكانت جمعة القنص والمذبحة التي لم يكشف النقاب عن المسئول عنها والمدبر الرئيسي لها وأدواتها الجناة والقتلة والضحايا الأبرياء، والضحايا لا يعرفون حتى اللحظة لماذا قتلوا بهذه الطريقة الوحشية ومن هو خصمهم اللدود؟! وفي 21 مارس 2011م أعلن قطب الصراع قائد المنطقة الشمالية والغربية وعديد من الضباط، قادة مناطق وألوية، انسحابهم، انشقاقهم عن قيادة علي عبدالله صالح وأعلنوا تضامنهم مع ضحايا “ مذبحة القنص 18 مارس 2011م” ودعمهم للانتفاضة التي تصاعد لهبها في أكثر من 15 محافظة وشكلت كابوساً فعلياً لنظام علي عبدالله صالح وزبائنه ومرتزقته الذين سارعوا في افتتاح «ساحة التحرير» ليكن هذا المكان هو المعادل الموضوعي للساحات على طول وعرض البلاد وتم تمويل العشرات من شداذ الأفاق من إيرادات المؤسسة الاقتصادية العسكرية ومرافق حكومية إيرادية أخرى شكلت خسارة مباشرة للدخل العام للخزينة.. ودخلت الأحزاب والتنظيمات السياسية المنضوية في عضوية “اللقاء المشترك” الذي تشكل سنة 2002م كطرف إضافي في الاعتصامات مما رجح كفة الصراع لطرف قائد المنطقة الشمالية والغربية، الأمر الذي رفع “منسوب الحماقة” عند علي عبدالله صالح ودفعه إلى اتخاذ إجراءات متسارعة وعشوائية تنطوي على ضحالة الثقافة السياسية كما أنه حاصر نفسه بشلة من الوصوليين والانتهازيين والفاسدين الذين افتقروا إلى مواصفات “ رجال الدولة” ولكي يصل إلى الأهداف السريعة والقضاء على خصومه قام علي عبدالله صالح بالآتي: 1 إرسال وساطة قروية قبلية إلى قائد المنطقة الشمالية والغربية وفي باطنها مجموعة مسلحة مهمتها استغلال “العاطفة” القروية القبلية واغتيال الخصم العنيد والذكي والأكثر دهاءاً قائد الفرقة الأولى آنذاك غير أن المحاولة فشلت وانتكس علي عبدالله صالح انتكاسة رهيبة ومباشرة وجلب على نفسه وأسرته رد فعل يوازي إن لم يكن أكبر لفعلته، وقد استفاد الطرف المستهدف بوصف العملية “ عيباً قروياً وقبلياً” وقام بمزيد من الاستقطاب وصل إلى نحو80 % من القوى المقاتلة السنحانية.