وتفاقم الخلاف بين الأطراف الأساسية للطغمة العسقبلية المتسلطة حول قضايا كثيرة مما أدى إلى انتقال الخلاف إلى نزاع غير معلن، ولكن المراقبين كانوا قد أدركوا ماذا يدور في ذهن رئيس السلطة آنذاك الذي رفض بناء دولة وتأهيل رجال دولة وأنه يقود نفسه وأسرته إلى الهاوية بوتيرة متسارعة تحت وهم دعم دول إقليمية غنية ودعم الإدارة الأمريكية. تحت هذا الوهم الذي خلق لدى علي عبدالله صالح جنون العظمة ذهب سنة 2000م لبيع الأراضي جنوباً وشمالاً بثمن رخيص قياساً إلى الثروات الكامنة في الربع الخالي مما جعل أحد المراقبين الدوليين يقدر دخله المتوسط سنوياً ب 2 ملياردولار، أي أن ما نهبه من إيراد النفط بحسب هذا التقدير 29 سنة *2 مليار = 58 مليار، إضافة إلى دخله المنتظم من الضرائب والمساعدات الخارجية التي لا تصل إلى المشاريع والمحتاجين تقدر أيضاً بعشرات المليارات من الدولارات «هكذا لص سلطة سمح وإلا بلاش» والخطوة الثانية هي إنشاء جهاز الأمن القومي الذي فصّله عن مقاس ابن أخيه وخدمه من عبيد السلطة والمال، وأعتبرت هذه الخطوة إقصاءً متعمداً للأمن السياسي وإضافة هامة إلى الكتلة العسكرية التي أنشئت قبلاً لتكون في مواجهة ما تبقى من أطراف الطغمة، وفي نفس الوقت تكون ضمن خديعة الأمريكيين الذين تطلعوا لأن تلعب هذه القوة دوراً في مكافحة الإرهاب مقابل الدعم المالي واللوجستي، أما الخطوة الثالثة فقد انحصرت في تفجير الأوضاع العسكرية في المنطقة الشمالية (صعدة) بهدف إضعاف قوات المنطقة العسكرية تحت قيادة قائد الفرقة الأولى مدرع قائد المنطقة الشمالية والغربية سابقاً. لقد بدأت مشكلة صعدة داخل المسجد الكبير في صعدة بافتعال ما يسمى بتمرد حسين بدر الدين أمير الدين الحوثي وعدم انصياعه لمقابلة علي عبدالله صالح، الأمر الذي دفع الأخير بابتداع أحداث معتمة إعلامياً أدت إلى تعبئة الشارع السياسي الموالي والشارع الأعمى تمهيداً لخلق المشكلة الأمنية التي استدرجت كتلتين إلى المحرقة والعدوان على جماعة حسين الحوثي الآمنة في مناطقها النائية عن الفعل السياسي المحتدم بين القوى المتصارعة على السلطة في صنعاء سواء أطراف الطغمة أو تلك القوى التي بدأت تتكثر داخل “اللقاء المشترك”. المواجهات العسكرية في صعدة كانت ذات أهداف معلومة وأهمها: «1» إضعاف كامل لقوات الفرقة الأولى مدرع وقوات المنطقة الشمالية والغربية وتصوير المواجهة وكأنها فعل من أفعال قائد المنطقة وتكتل التجمع اليمني للإصلاح الذي كان قد تمدد في صعدة على حساب المذهب الزيدي بمرجعياته القديمة «مجد الدين مؤيدي» «2» التخلص من قطب مهم وخطير من أقطاب الطغمة العسقبلية. «3» التخلص من كتلة الشباب العاطلين عن العمل والمتحمسين لمقاومة السلطة في منطقة الجنوب وجنوب الغرب «تعز» والغرب «تهامة». “4” الانفراد بالسلطة السلطانية ذات الرداء الجمهوري التضليلي. وتجلى المشهد العسكري الذي كان ينسج فصوله الإجرامية علي عبدالله صالح في شمولية الإبادة لشباب صعدة الذين انتظموا في أتون مواجهات تفتقر للعقل السليم وفي صراع عبثي جر كل القرع إلى مزبلة التخلف الثقافي ولشباب من المناطق كثيفة السكان وكثيفة البطالة الشبابية من الجنوب وتعز وتهامة، والفصل الأهم هو محاولة التصفية الجسدية لأهم قطب في الطغمة عبر الطيران الذي انزلق إلى الصراع العسكري. ولم تحقق العملية بسبب انتباه الطيار المكلف بالقصف وتراجعه عن الهدف.