وكان بيان الكويت 1979م امتداداً كلامياً لاتفاق القاهرة وبيان طرابلس، فهو حثّ الأطراف على مواصلة العمل المشترك في بيئة سلام واستقرار وصولاً إلى تحقيق الهدف وهو وحدة السلطة في صنعاء مع سلطة دولة عدن، وكان الرئيس عبدالفتاح اسماعيل قد عرض في سبيل الوحدة التنازل عن الرئاسة لرئيس السلطة العسقبلية في صنعاء علي عبدالله صالح. ومنذ صدور البيان وحتى 22 مايو 1990م جرت أحداث سياسية صادمة وفي الصدارة انقلاب أبريل 1980م على الرئيس عبدالفتاح اسماعيل ونفيه إلى “موسكو” عاصمة الاتحاد السوفيتي والانقلاب الدموي الفاشل الذي حدث في 13يناير 1986م بالتنسيق مع غرفة العمليات العسكرية والاستخباراتية الإقليمية الدولية والذي أضعف سلطات الدولة الجنوبية والذي تزامن مع عشية انهيار الاتحاد السوفيتي الداعم الرئيس للدولة في الجنوب؛ وهو ما شكّل ضغطاً إضافياً في الاتجاه المعاكس سلباً أدّى إلى ابتلاع مشروع الدولة سنة 1990م ومن ثم إلغاؤها في 7 يوليو 1994م. “3” اتفاق فبراير 1994م «وثيقة العهد والاتفاق» أبرمت هذه الاتفاقية في الأردن بعد تسارع وتيرة الأزمة السياسية بين أطراف الصراع السياسي الرئيسيين، وبعد الانتخابات النيابية المزوّرة تزويراً رسمياً في أبريل 1993م، حيث وقّع ثلاثة من قادة المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح في مفتتح مايو 1993م على إقفال ملف الطعون الانتخابية والقبول بنتائج الانتخابات المزوّرة. وفي هذه الاتفاقية التي ولدت تحمل حرباً كانت الأطراف الأساسية فيها: “1” الطُغمة العسقبلية وحلفاؤها من شيوخ الإقطاع التقليدي الراسمالية التجارية وجوقة الدعاية السوداء تحت قيادة فقهاء الجريمة والإرهاب، وهذه الكتلة مدعومة سياسياً ومالياً وعسكرياً من قوى إقليمية ودولية، وفي متن أجندتها تصفية الحساب مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والحزب الاشتراكي اليمني والاشتراكية كنظرية، واتسمت هذه الكتلة بالتماسك السياسي “الأهداف” والتنظيمي “قوات معبّأة بالضغينة” وبالغلبة العددية السكانية والعسكرية والمليشية وبامتلاكها المال السياسي الوسخ القادم من دول الإقليم الريعية. “2” الحزب الاشتراكي اليمني ككتلة صغيرة عصامية أو كتلة انطوت على سذاجة سياسية واتسمت بتشتُّت قواتها العسكرية وانقساماتها الداخلية، كما انطوت على قصور في رؤيتها الاستراتيجية خاصة حجم خصومها المتماسكين والمصمّمين على اجتثاثها. ومضمون تلك الوثيقة تتلخّص في محاولة تقديم مشروع بناء دولة كإنقاذ لوحدة حملت أسباب انهيارها منذ بدأ التفكير فيها، وضمان أمن شركاء السلطة وبالذات قادة الحزب الاشتراكي الذين استهدفتهم فرق الاغتيالات التي كانت أعدّت في معسكرات صنعاء قبل مايو 1990م واغتالت العديد من الكوادر العسكرية والمدنية. وحملت الوثيقة أهم مؤشرات تنفيذها من خلال الملاحظات المكتوبة أمام التوقيعات، ومن خلال تلك المعلومات الواضحة باستعداد كتلة الطغمة العسقبلية لتفجير الأوضاع وبوصف الوثيقة أنها وثيقة “انتقام”. وفي بداية شهر مارس 1994م بدأت المواجهات المسلّحة في أبين كعمل تدريبي واستفزازي من قبل قوات العمالقة تمهيداً لتنفيذ “الوثيقة” التي كان يعتقد البعض أنها سوف تنقذ “الوحدة” من الانهيار الفعلي. تنفيذ الاتفاقية الدرامي بدأت مشاهده تظهر في 27 أبريل 1994م في خطاب رئيس الطغمة العسقلبة، ومن ثم أعقبته الحرب المعادية للوحدة والتي امتدت حتى 771994م وأدّت إلى ضم وإلحاق الجنوب إلى سلطة صنعاء الفاشية وتشريد أبناء الوطن وسقوط مشروع الدولة.