والخلافات الناشئة داخل الحزب الاشتراكي قبل وأثناء وبعد الانتخابات المزورة بالاتفاق, والأزمة السياسية التي حملتها متغيرات موازين القوى والقوة، وما نجم عن ذلك من إفرازات واصطفافات سياسية وثقافية وجهوية دحضت, جملة وتفصيلاً, أطروحة الأمين العام للحزب الاشتراكي حول تصنيف أحداث 1993م، وكأنها أحداث على صلة عضوية بالقضية الجنوبية وتقزيم لدور الحزب السياسي تجاه كافة القضايا المطروحة على بساط التداول الخاص والعام, الجزئي والكلي. إن طرح المسألة السياسية على هذا النحو من التبسيط والتسطيح والتضليل لا تمكن الشباب من الرؤية الشفافة لرسالة الحزب الاشتراكي بوصفه حاملاً لقضية المعذبين والمقهورين والمضطهدين، بل وحامل لرسالة المواطنة والحقوق المتساوية داخل الحياة الحزبية، ودليلنا وصول بعض المهمشين إلى عضوية اللجنة المركزية وفي الصدارة محمد القيرعي. والخطاب السياسي القيادي عليه استهداف الشباب وجذبهم إلى العضوية الحزبية النخبوية، وليس تقديم رؤى في شكلها عسلاً مغشوشاً وفي جوهرها التباس الخطاب الهادف إلى استقطاب الولاءات وتكريس عبودية المركزية والأوامرية. إن أوسع المواجهات السياسية بين الحزب الاشتراكي وقوى التحالف التقليدي الثلاثي المدعوم إقليمياً ودولياً بدأت في شكلها المتفجر في 13 يناير 1968م، وانطوت على الخطورة في الاختراق التنظيمي بعد 22 مايو 1990م، ثم تكرست المأساة في الخطاب السياسي قبل المؤتمر العام الخامس 2005م، وحتى هذه اللحظة، الأمر الذي أتاح لسلطة الاستبداد والفساد تحت قيادة العسقبلية الشمولية الاستفادة وتجزئة التمثيل الجنوبي تحت يافطة شرعية الانتخابات وما تسمى بالوحدة الوطنية وكف الحزب عن تبني رسالته التاريخية. وهكذا سارت عملية التمثيل السياسي الدرامية نحو خلق مراكز نخبوية جنوبية متعددة ومتنافسة ومتناحرة وصلت سقفها الأعلى في الانغماس في رذيلة حرب 1994م. ويدحض النص الفاتر سياسياً لأمين عام الحزب الاشتراكي “النقاط الثماني عشر” التي أعلنها علي سالم البيض من مدينة الضالع، والتي أطلق عليها “مبادرة الحزب الاشتراكي” لحل الأزمة السياسية بين النائب والرئيس آنذاك، وهذه الوثيقة التي مضى عليها 19سنة تحكي حكاية قيادة الحزب الاشتراكي مع “السلطة” وليس مع شيء اسمه “القضية الجنوبية”. ومن المهم إعادة نشرها من أجل عمل مقاربة منطقية بين زمن حدوث الحالة وزمن النص في ذكرى تأسيس الحزب ال34.. تحتوي الوثيقة على 18 نقطة أو 18 مطلباً تقدم بها نائب الرئيس آنذاك علي سالم البيض وهي: 1 - إلقاء القبض على المتهمين في حوادث الاغتيالات والتفجيرات والتقطع والإرهاب وغيرها من القضايا المخلة بالأمن العام وتقديمهم للمحاكمة الفورية العلنية. 2 - إخلاء المدن من المعسكرات، وبالتحديد المدن الرئيسية خلال فترة محددة. 3 - نقل السلطة إلى المحافظات، ومنح المحافظات الصلاحيات، وتطبيق اللامركزية المالية والإدارية، وتحديد تاريخ لإجراء انتخابات المجالس المحلية، بما يضمن نقل السلطة إلى المحافظات، ويحقق اللامركزية المالية والإدارية. 4 - ابتعاد الأشخاص الأوائل عن أحزابهم، وبالتحديد (الرئيس ونائب الرئيس ورئيس مجلس النواب) خلال فترة تحملهم لمسؤوليتهم، والابتعاد عن قيادة الائتلاف من أجل رعاية الوحدة والديمقراطية وتعزيز الوحدة الوطنية. 5 - اتخاذ خطوات عملية لتصحيح أوضاع القضاء والنيابة العامة. 6 - تعيين مجلس الشورى بالتساوي بين محافظات الجمهورية ال18؛ تمهيداً لانتخابه مستقبلاً. 7 - الوقوف أمام الأوضاع الاقتصادية والمالية، واتخاذ التدابير لضبط عملية الإيرادات، وتقليص الإنفاق، وزيادة الإيرادات، وتصحيح الأوضاع المالية والإدارية، والقضاء على الفساد والرشوة والتسيب الإداري، وإجراء إصلاح مالي وإداري، وتطبيق قانون التقاعد. تمعّن أيها القارئ في مضمون النقاط 6,4,3,2,1 لمتابعتنا. رابط المقال على الفيس بوك