فتاة لا يتعدّى عمرها التسع سنوات تفقد «بابا وماما» ولم يبق لها إلا جدّها المجاهد؛ بكل قوة تقول: «بابا وماما وأخواتي في الجنة؛ وأقول لجدي: ما تبكيش يا جدو» إنها القوة التي تحارب العالم في غزّة..!!. رجل ينهار باكياً وما أفجع الرجال عندما يبكون لقد فقد زوجته وولديه وأباه وأمّه وداره وجيرانه وبقي يتحسّس حطام داره وحيطان قلبه الممزّق ويتشمّم دماء أهله وفلذات كبده، يحق له أن يبكي ويبكي؛ لكن المذهل هو أننا نراه ينهض وهو يمسح دموعه قائلاً: «المهم سلامة الشباب؛ لأن الشباب لا يعوّضون» وهو هنا يقصد المقاومين. هذه هي القوة الجبارة التي تحارب الظلم العالمي والإقليمي في غزّة وحدها، وتكسر قوة الطغيان بالدم والإرادة، هي لسان حال شعب غزّة ومقولة يردّدها كل من دُمّرت بيوتهم وأسرهم ولاقوا الأهوال والإبادة، كلمة واحدة لغزّة: كل شيء يهون عدا كرامتنا، وكرامتنا اليوم المقاومة، المقاومة التي هي أبناؤهم من الشباب الذين أذهلوا العالم وقلبوا كل المخطّطات؛ بل بخّروا بقوتهم وذكائهم أحلام دولة اسرائيل من الفرات إلى النيل. هذا الجيش الاسرائيلي الذي كان يحتقر العرب شعوباً وجيوشاً، وهزم واجتاح أربع دول عربية بجيوشها ولم يفقد شيئاً حينها؛ هو اليوم مذعور ولم يجد سوى سلاح الجو ليبيد الأطفال والنساء ليضغط على المقاومة ليجد وصيّة الشهداء والجرحى: «أن اثبتوا، وحسبنا الله على العرب»..!!. وقف نتنياهو، رئيس الوزراء الصهيوني منكّس الرأس أمام خسائر جيشه وأمام مقاومة شعبية كسرت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، ولم يجد شيئاً يخفّف به الهزيمة أمام شعبه إلا قوله: «إن المفاجأة هي أنكم ستجدون دول المنطقة يصطفّون معنا». يا للعار، هذه الفضيحة التي ستحرق أصحابها وهي الوجه الآخر للإبادة الحاصلة في غزّة، كان المتحدّث باسم الحكومة الاسرائيلية قد صرّح: «إننا نحارب الإخوان المسلمين، وأدعو الإخوة العرب إلى مساعدتنا في القضاء على الإخوان..!!» هو يردّدها بكل بجاحة وكأنه حاكم عربي في خلاف داخلي مع «الربيع العربي» وليس محتلاً لفلسطين، قضية العرب وكرامتهم. الطبيب النرويجي يصرّح بأنه حضر عدّة مجازر ولم يشهد مثل ما يجري في غزّة، كما أنه لم يشاهد بسالة وقوة كما شاهدها في «غزّة» وقال بالحرف الواحد: «الفلسطينيون في غزّة يدافعون عن كرامتنا جميعاً». هذه هي لغة الكرامة الإنسانية التي نشاهدها مع الكثيرين من الأجانب والغرباء الأحرار البعيدين عن غزّة، كما شاهدناها في دول أمريكا الجنوبية وهي تسحب سفراءها وتلحق اسرائيل بالدول الإرهابية؛ بينما لا يجد «نتنياهو» سوى بعض الدول العربية كي يقول لشعبه إنها "المكسب والأمل الوحيد"..!!. [email protected]