كنت بعد كل عيد أو قبله أهنّئ قرائي الأعزاء ب «كل عام وأنتم بخير» أو«عيدكم مبارك» لكن تزامنت في هذه العيد معايدتنا مع إصلاحات سعرية جديدة مما حوّل تهنئاتنا إلى «جرعة مباركة» جرعة حوّلت فرحتنا بالعيد إلى همٍّ وغمٍّ وحسابات وإعادة تقييم لمصروفات حياتنا المثقلة بالديون. بدأت أسمع بعد الإعلان عن الإصلاحات السعرية للمشتقات النفطية أن التجار يباركونها، وأن زيادة أسعار النفط لن تؤثّر على سعر المنتجات، كلام صحف مثل ما يقول البعض..!!. لكن الحقيقة هي أول ما تخرج الشارع تريد أن تأخذ «مشواراً» أصبحت أجرة الراكب في مدينة تعز بزيادة عشرين ريالاً عمّا قبل، ومازال بعض سائقي الباصات يطالبون بمائة ريال، ويشتمون الراكب بألفاظ بذيئة عندما يرفض دفع مائة ريال، بينما في صنعاء زادت أجرة الراكب عشرة ريالات فقط، لماذا في تعز التسعيرة زائدة والمسافات أقرب..؟! لا أعلم. «دبة» الماء «الكوثر» عشرة لترات كانت بخمسين ريالاً؛ وأصبحت الآن بسبعين ريالاً تحت مبرّر ارتفاع سعر المشتقات النفطية، وكيس الخبز الذي كان يحتوي على خمس خُبزات بمائة ريال؛ أصبح يحتوي على أربع خبزات؛ وكيلو التفاح اليمني كان بثلاثمائة ريال وأصبح بثلاثمائة وخمسين ريالاً، وهكذا كله تحت مبرّر ارتفاع المشتقات النفطية. أصبح الطلاب والطالبات الذين يذهبون للدراسة إلى الجامعة في "حبيل سلمان" يفكرون بالزيادة التي يمكن أن تُضاف إلى مصروفهم الضروري للمواصلات لمواصلة الدراسة التي قد تمتد إلى قُبيل المغرب، وحتى الموظفين الذين يستقلّون الباصات ثلاث أو أربع مراحل أصبحوا يفكّرون في كيفية التعامل مع هذه الزيادة الطارئة. أصبح الآباء يفكّرون من الذي يمكن أن يتوقف عن الدراسة هذه السنة من أبنائهم؛ لأن هذه العشرين والثلاثين والخمسين التي زادت في سعر كل شيء تحتاجه الأسرة من الضرورية هي على الأقل تشكّل نفقة متكاملة لفرد زائد في العائلة أو أكثر من دون أي تخطيط مسبق له..!!. حتى المؤجّر بدأ يلمح إلى المستأجر بأن الأسعار ارتفعت، وأن هذا الارتفاع يجبره على رفع نسبة الإيجار، ومنهم من يعلنها مباشرة في وجه المستأجر والذي «مش عاجبه؛ فالباب يفوّت جمل». قد تختلف المبرّرات من قبل الحكومة لضرورة زيادة سعر المشتقات النفطية التي كانت منعدمة والطوابير أمام المحطات أطول من مستوى البصر، وفجأة عندما ارتفع سعر المشتقات النفطية توافرت بقدرة قادر، وأصبح عمال المحطات ينتظرون السيارات بشوق ولهفة، قد تختلف المبرّرات لضرورة هذه الجرعة التي يقول البعض إنه قد تم التخطيط لها من قبل أربع سنوات، ولكن هل تم التخطيط لزيادة رواتب الموظف في القطاعين العام والخاص، أم ترتفع الأسعار ويظل الراتب كما هو، ثم نأتي لنقول زاد الفساد في المرافق الحكومية..؟!. بالتأكيد يؤدّي ارتفاع الأسعار مع عدم وجود زيادة في المرتبات إلى ارتفاع نسبة الفساد من خلال السرقات والرشوات في كل المرافق من دون استثناء، لذا كان لزاماً على الحكومة قبل أن تعلن عن ارتفاع سعر المشتقات النفطية والجرعة السعرية الجديدة أن ترفع راتب الموظف قبل ذلك أو أن يتزامن رفع الرواتب بزيادة تتناسب مع الجرعة السعرية الجديدة، وإلا فهي لا تعالج الاقتصاد؛ بل تزيد من نسبة ارتفاع الفساد..!!. [email protected]