من كل مسامات جسدك تنزف الجراح يا بلدي، وفي كل أرواح أبنائك تراتيل حلم تلاشى مع تلك الدماء النازفة هنا وهناك على طرقات الحياة، وعبر رصاصات الموت وسكاكين الإبادة. في بلدي اليمن لم تعد السياسة اعتناء بالمواطن، ولم يعد التديُّن الزائد عبادة، بل أصبح هناك دين سياسي طائفي، الطريق في الدعوة إليه شفرة الساطور، رعود البندقية، وهدم بيوت يُذكر فيها اسم الله، وباسم الله المعبود يقتل عباده بعضهم بعضاً ردّاً على خلافاتهم السياسية. لكن الأنكى في كل هذا أن تختلف الجماعات وتتفق على قتل حامي الوطن، ذلك المواطن البسيط الذي يحمل البندقية ويظل متنقلاً بين مناطق وطنه ملبياً نداءه، بعيداً عن أطفاله وذويه، ويجد رصاصات الموت موجّهة إلى صدره لأنه ليس مع تلك الجماعة، أو مذبوحاً كالنعاج لأنه من تلك المنطقة التي اعتدى عليه أعداء الجماعة الذين وقع بين أيديهم. الأنكى في بلدي اليمن الذي وصف أهلها رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله: «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الإِيمَانُ يَمَان، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَة» أن يُذبح الجنود بالهوية المناطقية، لأنه من المنطقة الفلانية أو لأنه من الطائفة العلانية، ومنذ متى يا أهل اليمن كنتم تقتلون بعضكم بسبب مذاهبكم أو طوائفكم أو مناطقكم..؟!. منذ متى وأهل اليمن مهما بلغ جرمهم يتباهون بذبح مسلم يشهد ألا إله إلا الله، ويتباهون بنشر صورهم على شبكات التواصل الاجتماعي وهم يجيدون ذبح أخيهم المسلم، منذ متى وأنتم تفتخرون بسفك دماء المسلمين لأنهم من الطائفة الفلانية، منذ متى وأنتم تسيرون على خطى الآخرين في سفك الدماء يا أهل الحكمة..؟!. منذ متى وأنتم تسلكون ترهيب العباد وبث الرعب، منذ متى وأنتم تنفّرون غير المسلمين من الإسلام، وتخدمون أعداءه وتثبتون للعالم أنه دين إرهاب..؟! إنكم تشوّهون ديننا الإسلام الذي تقتلون به وتردفون صرخات التكبير بعد قتل كل مسلم وربما قبله. «الله» الذي تقتلون باسمه أهون عليه أن تُهدم الكعبة حجراً حجراً من أن يُراق دم عبد من عباده أسلم إليه أمره «لأن تُهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يُراق دم امرئ مسلم». القتل في بلدي أصبح الطريق الأسهل لتصفية الحسابات أياً كان شكلها ولونها وخلفيتها، وذلك لانعدام الأمن في الوطن، لكن أن يُمارس القتل بالذبح في وضح النهار بطريقة داعش العراق؛ فهو ما هزّ وجدان اليمنيين ودمّر إحساسهم بالأمان، وجعلهم يتخيّلون مستقل أولادهم إما قتلة أو مقتولين؛ وربما هذا ما يريد الوصول إليه القتلة من برمجة للشباب وتأليب بعضهم على بعض بطريقة الإرهاب الفكري "إن لم تكن معي فأنت ضدّي". اللهم الطف ببلدنا وارحم شهداءه واجبر كسر المواطن الذي يبتغي حياة كريمة آمنة. [email protected]