جميعنا نتحمّل المسئولية. لا يجب لنا أن نَفر من أمام هذه الحقيقة بإلقاء التهم يمنةًَ ويسرةًَ، وتحميل طرفِ دون آخر مسئولية هذا التردي الذي نالَ اليمنيين إلى أن وصل ذروته بانتشار مسلحي الحوثي على تخوم العاصمة ونصبهم النقاطِ على عدد من مداخلها، وقد يفجّرون الوضع المتوتر أصلاً في صنعاء في أية لحظة. صحيح إن نسب المسئولية تتفاوت من طرفِ إلى آخر، إلا أن الجميع يتحملها على تفاوت النِسب، وفي هذه اللحظة المفصلية والهامة علينا محاسبة أنفسنا، لكي يتم البناء على الحالة التي ستترتب على محاسبة النفس ما يمكن أن نواجه بهِ هذه المرحلة العصيبة. فبدءاً بالدولة ووصولاً إلى عامة الشعب مروراً بالمكوّنات السياسية كافةَ؛ يجب ألا نفر من أمام هذا الاستحقاق المُلِح الذي يفرض نفسه أو أن نتهرّب، ومواجهته بشتى الطرق المُتاحة؛ لأنه سيظل يلاحقنا وحتماً سنسأل «من يتحمّل مسئولية هذا؟» عاجلاً، وهو الوقت الأنفع، أم آجلاً، وسيكون الأوان قد فات على تلافي تبعات اللحظة. وأنا أميل إلى الاعتقاد بأن مراجعات سريعة يخوضها الجميع لإعادة تقييم مواقفهم، وتقدير أخطائهم، ودراسة الخيارات الآنية والمستقبلية. أين هي القوى المدنية الآن..؟ القوى المدنية التي عوّل الشعب عليها لحمل راية المشروع المدني الذي يطمح إليه، تقاعست عن الالتزامات التي فرضتها عليها المرحلة، أو بالأحرى تخاذلها سَبب بطريقةِ أو بأخرى إلى استغلال الجماعات الدينية المتطرفة للفراغ الذي نشأ بعد ثورة فبراير ولم تشغره القوى المدنية. يا أيها الرفاق.. أن الوقت قد حان لكي تُعيدون إلى اليسار شعلته التي خفتت بفعل تقادم الزمن، إنه الوقت الذي ينتظر الشعب منكم موقفاً تاريخياً سيضاف إلى مواقفكم السابقة، فلا تتجاهلوا اللحظة أو تدعوها تمر، نتمنى منكم هذا ونعوّل عليكم. المؤسسات الرادعة الدولة بكافة مؤسساتها، هي المسئول الأول عن ردع هذا الوضع القائم وفرض تسوية إلزامية على جميع الأطراف، تسوية قد تجنّبنا الانزلاق إلى أتون صراع سيسد الثغرة التي تبث بصيص ضوء نهتدي به إلى شيء من الأمل بمستقبل أفضل. الحرب بطبيعتها قذرة، ستخرجنا من نفق مظلم إلى نفق أشد ظلمة. ليعلم أصحاب خطاب الحرب ونافخو الكير ونابشو النار الكامنة تحت الرماد أن الوضع اليمني لا يتيح مجالاً لهذه الشطحات المسطّحة. ثمة ما يمكن به تفادي الحلول الكارثية؛ فالحلول السياسية ما تزال ممكنة، رغم التصعيد “الحوثي”، رغم الشطحات الحوثية الإعلامية بإسقاط صنعاء، ورغم ما قالته وكالة فارس الإيرانية عن تقسيم جماعة الحوثي للعاصمة صنعاء إلى عشر مناطق تمهيداً لإسقاطها، فهذا ليس إلا في إطار المعركة الإعلامية من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية في إطار التسوية المقبلة. شطحات إعلامية إنْ اتكأ الحوثي على تلك الشطحات الإعلامية حول إسقاط صنعاء، ومضى في هذا الغي والطيش والنزق البعيد كل البعد عن أي إطار لعملية سياسية ماضية أو مقبلة؛ فإن جماعة الحوثي ستدخل مرحلة بداية النهاية، فصنعاء اليوم ليست صنعاء 1948؛ فهناك في صنعاء الكثير والكثير ممن يستعدون لأن يمضوا على نهج بطل حرب السبعين يوماً النقيب الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب نعمان وغيره من الأبطال أبناء القوات المسلحة اليمنية وأبناء الشعب اليمني الذين تضافروا للدفاع عن جمهورية سبتمبر. [email protected]