ها هي فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة تعزّز انتصارها العسكري على الدولة الصهيونية وحلفائها بنصر سياسي وعسكري غير مسبوق, ويظهر ذلك بوضوح كوضوح الشمس في منتصف النهار في البيان السياسي الصادر عن المقاومة وبلسان المتحدث الرسمي لكتائب القسام أبو عبيدة. فالبيان أبلغ الوفد الفلسطيني بوقف المفاوضات والعودة, وكشف حقيقة عدم رغبة الصهاينة في إنجاح المفاوضات, وجريمته المبيتة بهروب وفده المفاوض من القاهرة لتنفيذ جريمة اغتيال لقائد المقاومة محمد ضيف من منطلق معلومات مخابراتية تأكد فشلها الذريع فعلاً. إضافة إلى ذلك وغيره حذّر البيان شركات الطيران من استخدام مطار بن غوريون ابتداءً من فجر يوم 21 /8/ 2014 م وحذّر المواطنين الصهاينة من التجمعات الكثيفة حرصاً عليهم من خطر الصواريخ الفلسطينية لأن المقاومة لا تستهدف المدنيين وحذّر من عودة المستوطنين فيما يسمى بمناطق غلاف غزة . وذيل البيان بأن التحذير سيستمر إلى حين صدور بيان آخر من نفس المصدر يلغي هذا البيان. وبهذا التطوّر العظيم سجلت المقاومة نصراً سياسياً بنكهة عسكرية لا يقل أهمية عن نصرها العسكري , فمقابل التملص الصهيوني من إيقاف الحرب وفك الحصار, بدأت المقاومة مرحلة حرب استنزاف مفتوحة, وباشرت فرض ما يشبه الحصار على الكيان الصهيوني, ربما يتطور ليشمل لاحقاً الموانئ الصهيونية وغيرها. وبالفعل أعلنت كل من سلافيا وقبرص إيقاف رحلاتها الجوية إلى مطار بن غورين ولم يمض على البيان إلا دقائق معدودة كما أعلنت جهات رسمية في إسرائيل تعليق مبارياتها الرياضية في دوري كرة القدم لأسباب أمنية كما قيل. ولا شك في أن البيان أسقط الشرط الذي ظلت تستخدمه إسرائيل من أجل المفاوضات, وهو أنها لن تفاوض في ظل نيران الحرب. ويعلم الصهاينة وحلفاؤهم أنه يكفي لفرض ما أنذرت به المقاومة أن ترسل أسبوعياً صاروخاً أو صاروخين صوب مطار بن غوريون أو المستوطنات والتجمعات المشار إليها في البيان، ومعنى ذلك أن المقاومة قادرة على خوض حرب استنزاف طويلة زمنياً. لقد وضع بيان المقاومة النقاط على الحروف وأكد أن زمام المبادرة في يد المقاومة لا في يد الصهاينة مهما هدّدوا وتوعدوا أو ناوروا. وما نريد التذكير به هنا هو أن تظل وحدة الفصائل الفلسطينية وتترسّخ أكثر فأكثر، والمسئولية الأكبر في ذلك تقع على عاتق الرئيس الفلسطيني عباس ومنظمة فتح ليبقى زمام المبادرة السياسية في يد السلطة مثلما هي المبادرة العسكرية في يد المقاومة. علماً أن الوضع بالنسبة لفصائل المقاومة لن يتأثر كثيراً بأي موقف سلبي من أي طرف كان فلسطينياً أو إقليمياً، فموقف المقاومة والشعب سيظل أساس الانطلاق والمحدد لاتجاه البوصلة السياسية والعسكرية لمواجهة الاحتلال والظلم. والله من وراء القصد.