حفلت الأيام المنصرمة من الأسبوع الماضي بتصاعد (ترمومتر) الأحداث وتحديداً على الصعيدين الأمني والسياسي، خاصة بعد أن عادت لجنة الوساطة الرئاسية بخيبة أمل من لقاءاتها مع قادة الحوثيين في صعدة، الأمر الذي ترك الباب على مصراعيه، على أمل أن تغلّب الأطراف المعنية العقل والحكمة لتجاوز هذه المحنة قبل أن تأتي على الأخضر واليابس! ومن باب الإنصاف فإن الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي قد تعامل مع هذا التصعيد المؤسف بروح المسؤولية الوطنية وهو يحاول نزع فتيل الأزمة دون كلفة باهظة جرّاء أية مقامرة غير محسوبة النتائج وذلك من خلال إبداء حسن النية تجاه مطالب هذه الجماعة على الرغم من أن بعضها – أو جلّها – تعتبر شروطاً تعجيزية أو لنقل هي بمثابة الشماعة التي تعلّق عليها أهداف غير واضحة على المدى المنظور.. وبالتالي فإن هذا التعامل الرئاسي العقلاني في ضرورة الاصطفاف الوطني تجاه محاصرة تداعيات هذه الأزمة كان يُفترض أن يلقى تجاوباً من قبل الحوثيين ومن ثم البحث في القواسم المشتركة أو المتاح من الحلول قبل أن يذهب اليمن إلى المجهول. وفي هذا الصدد، لستُ بحاجة إلى التذكير بأهمية التنبيه إلى مخاطر الإصرار على محاولة فرض الأمر الواقع، سواءً في التلويح المباشر أو في استخدام القوة لتغيير المعادلة السياسية و عرقلة جهود التوافق الذي أوشك على الاقتراب من وضع حلول ناجعة لكل مشكلات اليمن المعاصرة. ولا شك بأن محاولة هذه القوى جرَّ الوطن إلى مربّع الاحتراب سوف يرتّب تبعات خطيرة، ليس على مستوى الداخل فحسب وإنما على مستوى الجوار الجغرافي والملاحة الدولية، الأمر الذي سيلقي بأعباء إضافية على مجمل عملية التحوّل الديمقراطي وإقامة الدولة الاتحادية وفقاً لمعايير الشراكة الوطنية، فضلاً عن التبعات التي ستضيف تحديات على دول المنطقة التي تعيش – هي الأخرى – حالة غليان غير مسبوق! وعلى الرغم من قتامة المشهد الداخلي فلا تزال ثمة فرصة متاحة أمام الأطراف المعنية لتكثيف الاتصالات وتقديم التنازلات ببعضها باعتبار ذلك هو الملاذ الأخير لتجنيب الوطن والتجربة مغبّة الذهاب الانهيار المريع وبحيث يخسر اليمنيون ما حاولوا بناءه خلال العقود الستة الماضية أو ما يحاولون اليوم تعويض الفرص الضائعة والاستفادة من الوقت المهدور في مجاهل الصراعات الدموية التي حان الوقت لتركها جانباً والالتفات إلى إعادة صياغة المستقبل الذي يضمن للجميع حياة كريمة لا سلطة فيها إلا سلطة القانون وسيادة قيم العدل والحرية والمساواة والشراكة والحكم الرشيد.