المبادرات التي قُدّمت لمعالجة اختلالات العمل السياسي ينبغي أن تؤخذ بعين الاهتمام وعلى القوى السياسية التي تورّطت في أعمال غير مشروعة ولا تحقق غير تأزيم الحياة السياسية وإطالة أمد الفترة الانتقالية وإشغال الناس عن إنجاز ما تبقى من مهام التسوية السياسية أن تدرك أن الشعب بات على قدر عالٍ من القدرة على التمييز بين الغث والسمين وكلّما زاد الرهان على إثارة الشارع كلّما تلاشت شعبية تلك القوى الناتجة عن التحالفات غير السليمة ومن أراد من تلك القوى أن يحافظ على مكانته في أوساط الجماهير أن يكف عن المزايدات والشعارات التي ملّها الشعب وينخرط في الاصطفاف الوطني الذي لا يستثني أحداً من أجل إيجاد الحلول العلمية والعملية الكفيلة بإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي. إن مشاهد التحشيد والتجييش في شوارع أمانة العاصمة لم تعدّ منظراً لائقاً باليمن ولم تعد تعبّر عن المستوى الحضاري والإنساني الذي عُرف به اليمنيون، كما أن الشعارات التي تُردّد من أطراف بعض القوى قد قدّمت دليلاً كافياً على أن تلك القوى المتصارعة هي سبب تأزيم الحياة السياسية، لأنها لا تؤمن بوسائل وآليات العمل الديمقراطي ولا تؤمن بمبدأ التداول السلمي للسطلة، ولا تحترم الرأي الآخر ولا تقبل بالتعايش السلمي، الأمر الذي ينبغي معه الإسراع في إنجاز الدستور والدخول في الانتخابات العامة، لأن التأخير في إنجاز الدستور والانتخابات العامة يعطي الفرصة لتلك القوى للمزيد من العبث بمقدرات الشعب وإنهاء موارد الاقتصاد الوطني وتدمير ما تبقى من الإنجازات الوطنية وتوسيع الفجوة التي خلّفتها كوارث الأزمة السياسية. إن على العقلاء في البلاد إدراك مسئولياتهم في حماية كيان الدولة اليمنية وعدم السماح للقوى الانتهازية والنفعية بالاستمرار في تأزيم الحياة السياسية، وقد بات من الواضح أن بعض القوى السياسية التي لا تؤمن بالديمقراطية وآلياتها الانتخابية تحاول إعاقة الحياة السياسية من أجل نسف ما تم إنجازه من التسوية السياسية وإعادة البلاد إلى مربّع الدمار ومادامت الحقيقة واضحة في هذا الاتجاه فإن الواجب يحتّم على كل شرفاء الوطن تجاوز هذا الخطر من خلال الاسراع في الخطوات المتعلّقة بإنجاز الدستور من أجل أن يصل الشعب إلى حقه في الاختيار الحر المباشر، ومن يزايد باسم الجماهير عليه أن يثبت قدرته في التخاطب مع الشعب لينال ثقته بعيداً عن الشطط والافراط والتفريط الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع وليدرك الجميع أن الانطلاق من الشعب هو بداية الانطلاق نحو المستقبل الأكثر إشراقاً بإذن الله.