عندما اندلعت الأزمة السياسية العصيبة مطلع العام 2011م كنت واحداً ممن جندوا أقلامهم للمطالبة بتحكيم لغة العقل والمنطق وعدم الاحتكام للغة الشارع الذي تحكمه الأهواء والفوضى التي ستقود البلاد والعباد إلى نفق مظلم.. كنا نطالب جميع الأطراف بتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية والشخصية واعتماد الحوار البناء والمسئول لمناقشة كافة القضايا التي تهم الوطن والمواطن.. كنا نقول يجب الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله فيما حدث الخلاف عليه فكان الرد لا حكم ولا احتكام إلا للشارع فحدث ما حدث من تداعيات مؤسفة كادت أن تجر الوطن والشعب نحو هاوية سحيقة وحرب كارثية تحرق الأخضر واليابس خصوصاً بعد جريمة التفجير الإرهابي لجامع دار الرئاسة والذي استهدف القضاء على رئيس الجمهورية وكبار قادة الدولة والحكومة والمؤتمر الشعبي العام أثناء أدائهم صلاة جمعة الأول من رجب الحرام الموافق 3 يونيو 2011م ،ولكن من لطف الله بالبلاد والعباد فقد نجى بإعجوبة رئيس الجمهورية آنذاك الأخ علي عبدالله صالح ورؤساء مجالس النواب والوزراء والشورى يحيى الراعي وعلي مجور وعبدالعزيز عبدالغني ونائبا رئيس الوزراء صادق أمين أبو راس ورشاد العليمي رغم إصاباتهم البليغة لينقل لاحقاً إلى رحمة الله تعالى عزيز اليمن المناضل الكبير الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني في 22 أغسطس 2011م متأثراً بإصابته البليغة. ولولا رباطة الجاش والحكمة التي تعامل بها العميد أحمد علي عبدالله صالح قائد قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة آنذاك وقادة الوحدات العسكرية والأمنية الموالية للرئيس صالح وقيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام وشيوخ القبائل الموالين لصالح.. لولا تعاملهم بحكمة وعقلانية مع تلك الجريمة لحظة وقوعها وعدم القيام بأي ردود فعل غير محسوبة العواقب لكانت اشتعلت حرب طاحنة ستودي بالبلاد إلى التهلكة.. وعلى الرغم مما حدث ظل صالح والمؤتمر الشعبي العام متمسكون بمبدأ الحوار والاتفاق على تسليم السلطة بطريقة سلمية وديمقراطية وبمساعدة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي «السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعمان» والدول الصديقة وفي مقدمتها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تم التوصل إلى توافق وطني لانتقال السلطة سلمياً بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والمؤسف أنه بعد عامين وستة أشهر من انتقال السلطة وبعد اختتام مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر أكثر من عام ونتج عنه وثيقة المخرجات التي تمثل خارطة طريق واضحة المعالم للسير نحو المستقبل إلا أن الأمور لم تستقر حتى اليوم فما زالت الأعمال التخريبية تطال خطوط وأبراج نقل التيار الكهربائي وأنبوب نقل النفط في مأرب وكذا التقطعات والأعمال الإرهابية في أكثر من منطقة واشتعال الحروب العبثية في دماج وعمران وحالياً في الجوف بين المليشيات المسلحة التابعة لتيارين دينيين متصادمين والقبائل الموالية لهما ويبدو أن التقدم الذي حققه الحوثيون في دماج وعمران جعلهم يفكرون بالتوسع في محافظتي الجوفوصنعاء ليس ذلك وحسب بل ربما أنهم يفكرون بإسقاط العاصمة صنعاء كما أسقطوا عمران مستغلين قرار الحكومة بتصحيح أسعار المشتقات النفطية فبادروا إلى تنظيم الاحتجاجات للمطالبة بإلغاء القرار وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وهو ما جعل الحوثيين يحشدون التابعين لهم للاعتصام في شارع المطار بالعاصمة صنعاء وعلى مداخل العاصمة من كافة الجهات وهو ما أدى إلى تأزيم الموقف بشكل ينذر بمخاطر جمة على الوطن والشعب فإذا كان الحوثيون يفكرون فعلاً كما يقال بإسقاط العاصمة صنعاء كما اسقطوا صعدة وعمران فإنهم بذلك يحكمون على أنفسهم وعلى أتباعهم ومؤيديهم بالانتحار بل ويحكمون على الوطن والشعب بالدمار والخراب ،ولذلك فإنه يتوجب عليهم إعادة حساباتهم الخاطئة وعلى الجميع تحكيم لغة العقل والمنطق والحكمة بدلاً من الاحتكام للغة القوة وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الشخصية والحزبية والاتعاظ بما يحدث في العراق وسوريا وليبيا.. على الجميع الاستجابة لدعوة فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي للاصطفاف الوطني لمواجهة المخاطر المحدقة بالوطن.. وندعو إلى تشكيل لجنة من خبراء اقتصاديين تقوم بسرعة اتخاذ المعالجات اللازمة للتخفيف من الأعباء التي ستترتب على رفع الدعم عن المشتقات النفطية وذلك بإسقاط كافة الدرجات الوظيفية المكررة والمزدوجة في كافة أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والأمنية والقضائية والاستفادة من تلك المبالغ التي تصرف مرتبات للمزدوجين والوهميين برفع أجور العاملين في أجهزة الدولة وتوفير فرص عمل جديدة لخريجي الجامعات وتشكيل حكومة كفاءات وطنية وتوجيه لجنة الإشراف على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني البدء بالتنفيذ وفق جدول زمني محدد.. حفظ الله اليمن وشعبها ووحد صفوف اليمنيين جميعاً وألهمهم طريق الحق والصواب.