منذ تسعة أشهر والأزمة السياسية تتطور تداعياتها المؤسفة يوماً بعد آخر بسبب إصرار الإخوة قيادات أحزاب اللقاء المشترك وحلفاؤهم على العند والمكابرة وعدم الاستجابة لصوت العقل والمنطق بالعودة إلى جادة الصواب في تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية والشخصية وذلك بالاستجابة لدعوات الحوار المتكررة سواء من قبل فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية ونائبه الأخ عبدربه منصور هادي وجميع قيادات الدولة والحكومة والمؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب الفضيلة العلماء والمشائخ والوجهاء والأعيان والشخصيات الاجتماعية والوطنية ومختلف فئات الشعب اليمني أو من قبل الأشقاء والأصدقاء حيث هناك إجماع محلي وإقليمي ودولي على أن الحوار الوطني المسئول والبناء بين جميع القوى السياسية هو الطريق السلمي والأمثل والوحيد للخروج من الأزمة وتجنيب اليمن الانزلاق نحو حروب أهلية طاحنة ستقضي على مقدرات الوطن والشعب اليمني الطرف المنتصر فيها مهزوم. لقد مر وطننا اليمني منذ قيام ثورة ال(26)من سبتمبر عام 1962م و14أكتوبر1963م بالعديد من المحطات والمنعطفات الخطيرة جراء الاحتكام لمنطق القوة ولغة الرشاشات والمدافع والدبابات بدلاً عن الاحتكام لمنطق العقل والحكمة فكانت النتائج كارثية في كل محطة من تلك المحطات نتيجة غياب النهج الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية ومبدأ التداول السلمي للسلطة واعتقاد كل طرف أنه الوحيد الذي يمتلك الحقيقة وأنه الأحق بالسلطة من غيره ولذلك كان الوصول إلى كرسي الرئاسة لا يتم إلا عن طريق الانقلابات الدموية فكانت الصراعات السياسية والانقلابات العسكرية والتصفيات الجسدية والإقصاء والاعتقالات والنفي والتشريد هي السمة البارزة في عمليات التغيير خلال الفترة من 67وحتى1990م..فخسرت اليمن جراء ذلك خيرة أبناء من قيادات وطنية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأدبية وفكرية وعسكرية إما بالاغتيالات أو النفي، وبإعادة وحدة الوطن وقيام الجمهورية اليمنية في 22من مايو1990م بدأت مرحلة تاريخية جديدة في حياة الشعب اليمني باعتماد النهج الديمقراطي كوسيلة حضارية تتيح لأبناء الشعب اختيار من يحكمهم بكامل إرادتهم الحرة والتعبير عن آرائهم بكل الوسائل المشروعة ودون قيود وقد أكد دستور الجمهورية اليمنية على أن : “الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة”.. كما أكد الدستور بأن “النظام السياسي للجمهورية اليمنية يقوم على التعددية السياسية والحزبية ومبدأ التداول السلمي للسلطة”، وقد خاض الشعب اليمني ثلاثة انتخابات برلمانية في أعوام ( 93و 97و2003م).. ودورتين انتخابيتين للمجالس المحلية عامي (2002 و2006م).. ودورتين انتخابيتين رئاسيتين عامي (1999 و2006م). وبدلاً من العمل على تعزيز النهج الديمقراطي وانتهاج الأسلوب الدستوري والديمقراطي لإحداث التغيير المطلوب نحو الأفضل عمدت أحزاب اللقاء المشترك والموالين لها في استخدام الدستور والديمقراطية بشكل خاطئ يقوض الدستور والنهج الديمقراطي فهم يطالبون بإسقاط النظام وهو ما يعني إسقاط النظام الجمهوري الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والحزبية ومبدأ التداول السلمي للسلطة وذلك يعني انهيار الدولة على غرار ما حدث في أفغانستان والعراق والصومال.. بينما الطريق إلى تحقيق التغيير واضح المعالم وهو المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية مبكرة وإجراء التعديلات المطلوبة في الدستور وتعديل النظام الانتخابي واعتماد القائمة النسبية والحكم المحلي كامل الصلاحيات ونظام الأقاليم كما ورد في المبادرة الوطنية التي أطلقها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية في المؤتمر الوطني العام المنعقد بتاريخ 10 مارس 2011م في العاصمة صنعاء والتي لو كان التقطها الإخوة في أحزاب اللقاء المشترك حينها ووافقوا عليها لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم. لماذا لا نستفيد من دروس الماضي وما عاناه الوطن والشعب جراء الانقلابات وتصفية الحسابات وعدم تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية والشخصية الضيقة؟ لماذا لا يمتثل الإخوة في المشترك في الاحتكام لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:«فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا» لماذا الإصرار على العناد والمكابرة والمقامرة بالوطن ومقدرات الشعب طالما أن الأخ الرئيس لم يتمسك بحقه الشرعي والدستوري في البقاء رئيساً حتى 2013م وأعلن تنازله عن بقية فترته الرئاسية وأعلن استعداده لإجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية العام الجاري 2011م. اتقوا الله في وطنكم وشعبكم وحكّموا عقولكم وعودوا إلى جادة الصواب واجنحوا للسلم ولا تتبعوا خطوات الشيطان.. قال تعالى : “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين”.. صدق الله العظيم.