ألم يحن الوقت أن تتخلّى الأحزاب عن أنانيتها وشهيتها المتوحشة للسلطة والنفوذ والحكم والسيطرة والربح؟، ألم يحن الوقت للمواطن أن يرفض أن يكون سلعة لمن يدفع له حق التخزينة ولو لكل الأطراف في نفس الوقت؟. انحطاط مُعلن في جميع مؤسسات الدولة وغياب الكفاءات وتغيبها المتعمد من قبل جميع الأحزاب وتلميع لكل رديء مُشترى ولاؤه وموقع صكوك الركوع والسجود لمولاه الحزب أولاً وأخيراً. إن دخولنا بوتقة المحاصصة الحزبية أعادنا إلى العصور الحجرية الغابرة وبالتالي أحرقت الديناصورات الشعب، هذه هي الحقيقة التي لابد أن نعترف فيها.. كان الشعب طُعم لا أكثر ولا أقل ولا يزال مُصراً على أن يكون على عهده القديم من الانقياد والطاعة العمياء. وكانت شعارات انعدام الكفاءات وبناء دولة المؤسسات تؤرق منامنا بضجيجها، واليوم كل همّ تلك الأبواق القديمة هو تبرير رجعية ما وصلنا إليه بفترة المرحلة الانتقالية التي طالت. حتماً إن الشعب اليمني من الشعوب النادرة والعصية والقابعة تحت خط الوعي ووراء جدران المستقبل، نكاد نعيش حياة بدائية ونتمسك بها ونحن لا نعي أبداً ذلك.. بل تغرينا الشعارات ونردّدها ونحن على يقين أن كل ما نردّده لا علاقة له بنا ولا لنا علاقة به!.. نريد أن نكون كبقية الشعوب وفي نفس الوقت نأبى أن نعمل لأجل ذلك أردنا التغيير 2011م ولم نكن نعلم ما التغيير الذي نريده بالضبط؟ رُدّدت على مسامعنا كلمات وجمل سمعناها في قنوات وفي دول «دولة مدنية حديثة» مواطنة متساوية “إسقاط النظام” “تدوير وظيفي” “والشعب يريد إسقاط الفساد” ...إلخ ورددنا هنا بزخم ثوري ولم نكن نعلم أننا دمى صغيره تُحرك بيد الأباطرة. الوطن ليس رغيف خبز أو تخزينة قات.. الوطن ليس مظاهرة مؤيدة لوضع معين أو رافضة له، الوطن ليس سلعة يشتريها من يدفع أكثر.. الوطن أكبر بكثير وأنزه وأسمى من أطماعهم الهابطة. نستطيع أن نقلّد شعباً أو آخر، ولكن ينقصنا الولاء الوطني وتنقصنا محبة اليمن الصادقة إن وجدت كانت هي السد المنيع والقوي الذي نمنع به كل من في قلبه مرض ويريد أن يجعل الوطن وخيراته مطية لأطماعه. لهذا يجب علينا أن نجعل مصلحة الوطن هي العليا وأن نرفض أي فساد وأي فاسدين ونقول كلمتنا ونُسمع بها الدنيا، نستطيع ذلك ولكن بالولاء ومحبة هذا الوطن المخذول منا.. نستطيع بدلاً من التغنّي بشعارات زائفة والتباكي على مظالم لا تعنينا بطريقة مباشرة أن نقلّد الشعوب في حبّها لأوطانها وفي الذود عنها، إن كان لابد أن نقلّد الآخرين فالأولى تقليدهم في حب أوطانهم وافتدائهم بأرواحهم.. فكن مستقلاً وكن مديراً لا مُداراً فذلك السد المنيع الذي يهابه اللصوص والفاسدون والمتنفذون الذين لا يعلمون من مناصبهم سوى السفريات وتغذية أرصدتهم ونهب أكبر قد ممكن من الأموال والأراضي ووو إلخ. شظايا روح..! لا ترقصوا على جراح ومعاناة الشعب.. فقد تغدوا تلك الجروح ثورة شعب لا يستطيع أحد كبح جماحها.