يُجمع المحللون السياسيون والاقتصاديون والأمنيون في الداخل اليمني وفي الخارج على أن اليمن تمر بأخطر المنعطفات التي قد تؤدي - ولا سمح الله - إلى انهيار مزعج وفاجع يدفع ثمنه كل اليمنيين أفراداً وأحزاباً ومنظمات وشرائح، بل وإلى ذلك يُحذرون أن الكارثة إذا وقعت سوف تكون لها تداعيات لا يمكن أن يتوقعها أحد. هذا واقع حال الوطن والأمة الذي يحذر حتى الحكماء من تداعياته ومن تبعات أهواله، إن لم يكن الجميع قد استوعب الدروس مما آلت إليه أوضاع الغير كواقع الحال في سوريا والعراق وليبيا وغيرها.. وإن كان واقع حالنا أهون منهم. في يمننا المبارك تتوالى الخطوب والأحداث المزعجة والمقلقة منها بالذات، والكثيرون يعانون من حالات الذهول ومن اللامعقول أو مقبول، وهم في حيرة لاإرادية إزاء كل ما حدث ويحدث. احتدام الصراع بين الممكن وغير الممكن، واحتدام الصراع بين النفوس المريضة والضعيفة احتدام صراع المصالح بين الخاص وبين المصالح العامة الأدنى حضوراً في الواقع، احتدام المواجهة بين أعداء الوطن والوطنيين وما أكثرهم وبين الوطن والوطنيين وما أقلهم، احتدام نوازع الشر مع بذرات الخير، احتدام المواجهة بين الضيق والشدة وبين التروي والانفراج، ومع كل ما أسلفنا تظل بارقة الأمل بانفراج الهموم، وانكشاف الغيوم الداكنة السواد التي تلبد أجواء الوطن وتولد حالة الضيق للأمة هاجس الناس العقلاء والطيبين من أبناء هذا الوطن على امتداد الأعوام الأخيرة التي شهدت خلالها البلاد والعباد أزمة طاحنة وقاسية ومرة. وإزاء جملة المعاناة التي ولدت وحاصرت الناس بحالة من الضيق والغمة المستوطنة لم يعد من خيار أمام اليمنيين سوى الانتفاض والثورة والخروج من الواقع، ولا أعني بثورة فصيل أو حزب على آخر أو فئة على أخرى، فمثل هذه الثورات أثبت الواقع أن أياً منها أسوأ من أختها وأشد خطراً على أحلام وتطلعات الأمة، وإنما المعني بالثورة تولد القناعات لدى كل الحكماء والعقلاء وقادة الرأي والفكر والعمل والسياسة وقيادات كل شرائح وفئات المجتمع، بل وحتى كل أفراد المجتمع بأن المدخل لمحاكاة الواقع واجتثاث أسبابه ومسبباته تكمن في استيعاب ما يقوده الواقع بالأمة والوطن من أخطار وذهاب إلى الهاوية عبر البدء فوراً ودونما أي تلكؤ أو محاصصة أو مكايدة أو مزايدة على الوقوف صفاً واحداً وجبهة وطنية واحدة تسمو في هدفها مصلحة اليمن وتموت، إن لم تذب دونها من مصالح مهما كانت.. ووفق رؤيا وطنية لا يساورنا أدنى شك في أنها قد ترسخت في وجدان كل مواطن وهي انتشال الوطن والمجتمع من حالات الفرقة والشتات والضياع قبل فوات الأوان. إن الخطر الذي يطال اليوم المؤسستين الأمنية والعسكرية ومختلف فئات وشرائح المجتمع لم يعد يستثني أي يمني، وأن أعداء الوطن وأبنائه قد حشدوا قواهم لتنفيذ مخططاتهم التي يراد منها تشظي الوطن وهزيمة أبنائه. إن المطلوب اليوم من طابور المصالح والمفاسد والفاسدين أن يدركوا أن لا مكان لهم في أي طابور أو مصلحة لهذا الوطن، وأن على تجار الحروب أن يدركوا أيضاً أن إرادة الأمة ستنتصر، ونتمنى أن يكون النصر عاجلاً وليس آجلاً، وأن تكون جبهة الاصطفاف الوطني سبيلنا لبلوغ أحلام الأمة في استعادة الوطن اليمني لعزته ومكانته، وللأمة ألقها ووحدتها. ولا أنسى هنا أن أناشد كل صاحب قلم أن يدرك أن اليمن في خطر، وأن لا وقت ولا مساحة فيه اليوم إلا لمن يسخر قلمه لتحقيق هدف وغايات الأمة في الخروج من الواقع وتجنب المجهول بإشاعة روح المحبة والتسامح والإخاء وتغليب مصلحة الأمة والوطن، فهل سندرك ذلك قبل أن يقع الفأس على رؤوس الجميع فتكون الكارثة التي لا سمح الله حدوثها؟.