لا تزال الغصص التي خلفتها جريمة اغتيال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل تُدمي حلوق اليمنيين, وستظل الجراح التي ستخلّفها تؤرّقهم في المراحل التي هم مقبلون عليها مُضافة إلى جراح غصص خلّفتها جرائم إرهابية أخرى ملأت شريط الأحداث في اليمن في الآونة الأخيرة. الدكتور محمد المتوكل, الرجل السبعيني الذي مثل آنية لمّت شتات الأفكار السياسية اليمنية المتشظية في بوتقة توافقية هادئة تبعث الطمأنينة والتفاؤل لدى سامعيه. من كان يصدّق أن الدناءة والحقارة ستصل بأولئك التوّاقين إلى رؤية النار تشعل الساحة اليمنية إلى أن يمسّوا ذلك النبل وتلك الطهارة في روح الدكتور؟. هذه الجريمة المتجددة تستدعي من اليمنيين - جميعاً - الوعي بخطورة ذلك التطرف الإرهابي الذي يتهدد جميع اليمنيين دونما استثناء ويهدّد بتعطيل اتفاق السلم والشراكة الذي يشكّل أسّ المرحلة الإنتقالية الراهنة..تزامنت جريمة اغتيال الدكتور محمد المتوكل مع عملية إرهابية نفذتها عناصر الشر والإجرام بحق نقطة أمنية في مديرية جبل رأس بالحديدة. هذا التزامن بقدر ما يدل على واحدية المجرم ومدى تربّصه بحياة اليمنيين عموماً فإنه مؤشر يبين تصاعد وتيرة الاستهداف للعملية السياسية الجارية بغية ردّات فعل انفعالية لا محسوبة لكنه في محاولاته السابقة باء بالفشل واعتقد أن اليمنيين سيفوّتون عليهم كل ما يناظر تلك المحاولات البائسة كما فوّتوا ما قبلها.. ننتظر أن تُفضي تحقيقات اللجنة التي كلّفت بالتحقيق في جريمة اغتيال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل إلى إظهار نتائج جدية تكشف حقيقة ذلك القاتل المتسلسل. أملنا هذه المرة في أن هذه اللجنة ستخرج تحقيقاتها بنتائج هامة هو أن الظرف الذي تعمل فيه الآن يختلف عنه في العمليات الإرهابية السابقة التي انتظرنا من اللجان التي حققت فيها تقارير تكشف ملابسات تلك الجرائم، إلا أن ذلك الانتظار طال ومرّ على لجان جديدة تتشكل للتحقيق في جرائم إرهابية جديدة تحدث.. هنا لنا أن نتساءل, إلى متى سنظل في هذه الدوامة المفرغة؟ من سيجيب عن هذا السؤال؟ لا أحد سيجيب قطعاً. ثمة ما يشير - وإن قليلاً - باتجاه الإيجاب. لا تَخضرُ الأيام إلا بعد إحمرارها - كما يقول السيّاب وأرى أنها قد احمرت بما فيه الكفاية. عنّي.. ورغم هذه الدماء البريئة التي لم تجف أشعر بالتفاؤل هذه المرة أكثر من سابقاتها أن اليمن ونحن اليمنيون مقبلون على مستقبل أفضل لا بد منه. [email protected]