حذرت الرئاسة والأحزاب اليمنية، أمس، من مخطط يهدف إلى «خلط الأوراق» وإغراق البلاد في فوضى عارمة بعد اغتيال سياسي كبير مقرب من جماعة الحوثيين التي تهيمن على الشمال وهددت بالتصعيد ضد السلطات بعد ان اتهمتها بالتنصل عن مسؤولياتها الأمنية والتغاضي عن «النشاطات الإجرامية». واغتال مسلحان ملثمان كانا على متن دراجة نارية، مساء الأحد، في صنعاء الرئيس الأسبق لتكتل «اللقاء المشترك»، محمد عبدالملك المتوكل، القيادي في حزب اتحاد القوى الشعبية الليبرالي الذي تربطه صلات وثيقة بجماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة منذ اجتياحها في 21 سبتمبر الماضي. ونعت الرئاسة اليمنية اغتيال المتوكل، استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، بعد اقل من يوم واحد على توقيع الفصائل السياسية الرئيسية، ومنها الحوثيون، على اتفاق يفوض رئيس البلاد ورئيس الوزراء بتشكيل حكومة جديدة في محاولة لنزع فتيل التوتر السياسي. ووصفت الرئاسة في بيان النعي اغتيال المتوكل (72 عاما) ب«الجريمة الشنعاء» واتهمت «قوى ارهابية همجية متجردة من الانسانية» بالوقوف وراء الحادثة التي قالت إنها «جاءت بالتزامن مع الجهود المبذولة لإخراج اليمن من أزمته الراهنة بهدف خلط الأوراق وإفشال تلك الجهود بغية إثارة الفتنة وزعزعة الأمن وإغراق البلاد في الفوضى». ووجه الرئيس عبدربه منصور هادي، الليلة قبل الماضية، بتشكيل لجنة عليا للتحري والبحث عن قتلة الدكتور المتوكل. ولاقت حادثة اغتيال المتوكل استياءً واسعا في الشارع اليمني حيث سارعت مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية البارزة بإصدار بيانات التنديد والاستنكار. وفيما وصف البرلمان اليمني الحادثة بأنها «جريمة إرهابية بشعة وجبانة»، وطالب السلطات المعنية باعتقال الجناة ومن يقف ورائهم، استنكرت حكومة تصريف الأعمال «هذا الفعل الاجرامي الإرهابي الجبان»، معتبرة -على لسان مصدر مسؤول- بأن عملية الاغتيال «تحمل في طياتها اهدافا خبيثة» بغرض «تعقيد الأوضاع الراهنة والتأثير السلبي على التفاهمات المتفق عليها بشأن تشكيل الحكومة الجديدة». من جانبه، دان حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح اغتيال المتوكل «الشخصية الوطنية الكبيرة والمفكر السياسي القدير».ووصف صالح في بيان آخر المتوكل بأنه «قامة وطنية هامة». وقال إن اليمن خسر برحيله «واحداً من أعلامه البارزة ورجاله المخلصين». واعتبر حزب الإصلاح الإسلامي السني، الذي يقود تكتل «اللقاء المشترك» الشريك في الائتلاف الحاكم، اغتيال المتوكل «فاجعة وطنية كبرى» استهدفت الحياة السياسية والمدنية في البلاد، داعيا «كل عقلاء اليمن بمختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية إلى تحمل المسؤولية الوطنية في ملاحقة أيادي القتل والفتنة (..) والعابثين بأمن الوطن». وحذر الحزب الاشتراكي، وهو ثاني مكون في اللقاء المشترك، من خطورة الأوضاع في البلاد معتبرا حادثة اغتيال المتوكل بأنها «استهداف للوطن ولحمته وتماسكه». وطالبت الناشطة الحقوقية رضية المتوكل، ابنة السياسي القتيل، بإجراء تحقيق جاد يكشف عن الجناة الحقيقيين بعيداً عن التراشقات السياسية». من جانبها، أدانت جماعة الحوثيين التي تطلق على نفسها اسم «انصار الله» اغتيال المتوكل وألقت باللوم على الحكومة لعدم توفير الاجراءات الأمنية المطلوبة. وهددت الجماعة في بيان بالتصعيد ضد السلطات اليمنية مؤكدة «سعي بعض الجهات إلى بقاء الوضع في البلد مضطربا على كل المستويات والحيلولة دون حدوث أي استقرار سياسي أو أمني أو اقتصادي». وذكر البيان : بقدر إدانتنا لهذه الجريمة النكراء فإننا ندين الجهات والأجهزة الرسمية التي لم تتعاط مع أي رؤية تساعد على تعزيز الوضع الأمني واستقراره على الرغم من المساعي الحثيثة لإقناعها، متهمة سلطات الدولة بالتنصل من مسؤولياتها الأمنية والاستمرار في تغاضيها عن النشاطات الإجرامية رغم امتلاكها الإمكانات اللازمة والمعلومات الكافية عن كل الخلايا الإجرامية وتحركاتها. وقالت الجماعة التي تنشر مقاتليها في شوارع صنعاء منذ أسابيع إنها لن تقف مكتوفة الأيدي إلى مالا نهاية في حال لم تتعاطَ الجهات الرسمية إيجابيًا مع مطالب الثورة الشعبية الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار وتحقيق مطالب الشعب.