وطن الأماني الضائعات دلّني على وجهي الذي ضيّعته وسط الزحام، في كل صباحاتك يا وطني ننثر أمانينا مع فوح أنسامك العطرة تجوب كل المدى لكنها ترتد إلينا خائبة الصدى. صارت كل أرجائك منى مرحلة حتى إشعار آخر، فضاؤك صار أحلاماً مؤجّلة حتى موعد قادم يرفض أن يأتي؛ نصحو مع النهار، نجدّد العهد مع الزمن المُر علّه يمنحنا فسحة من أمل وبقايا بسمة عليلة قد تنقذنا من وحشة الصقيع ولدغ الهواجس وهوايات الضجيج. في وطني جيّرنا الأحلام لصالح كوابيس قبح تساقط علينا رتلاً من أنين وركام من أوجاع، نبذنا الألفة لحساب تنامي الأحقاد وأجندات التشظي في أرواح متنافرة، كل الأشياء الجميلة أصابها انحسار مجدب وجدب منحسر ما عدا الفرقة في النفوس فإن مداها يعمي القلوب. جيّرنا النماء لصالح الهدم، الإعمار لصالح الهدم، تركنا العمل والفكر واستمتنا في البحث عن كل ما يوثّق الموت ويربطنا بالنهايات المدمّرة. جدبٌ يحاصرنا من كل جانب، جدب الأخلاق، جدب المبادئ، جدب القيم، جدب الأخلاق وقيم الولاء للوطن وأسوأها جدب الإنسانية، أصبح اليمني غليظ القلب أكثر من اللازم، ضيق الروح ومكدود الملامح أكثر من اللازم، مُحبَطاً بائساً؛ يحدّه اليأس من كل جانب. لم نعد نعرف للأمل منفذاً في قاموس كدّنا وانتكاساتنا الأنكى، يورق القبح فينا ألف قافية ولوناً، أما خوفنا من قادم أبشع يدثّر رعشاتنا الوجلى, وينكئ دمعاتنا الثكلى؛ لم يعد هناك شيء ينمو إلا الموت على الطرقات، لم يعد هناك شيء يزهر إلا ذبول الأرصفة، لم يعد هناك شيء يزهر إلا حشرجة الحزن على النايات. يتوحّش مد القنوط على شواطئ الروح؛ بينما جزر الأماني ينحسر إلى مساحات ليس لها حد، فهل أخطاؤنا حين مددنا أحلامنا لما يعيشه غيرنا من حياة، هل أخطاؤنا حين أردنا أن نحيا في وطن يعترف بكرامة الإنسان وأحقيته في أن يكون له وطن حقيقي لا وطن للمزايدات والمراهنات والنفوس المتجبرة..؟!. صبرنا صاح من صبرنا، صرخاتنا هتكت هذه الأرواح المطفأة في واقع مليء بالأحجيات القاتلة يتربّصه التمزُّق وتتناوشه المخاوف بين رعب الحواف وأنياب شعارات جوفاء ضيعت اليمن. لم يعد في الصوت بوح ولا في الصمت نوح، ولا في الروح قدرة أكبر على النحيب، اهتراءات دواخلنا، صرنا نحن والوطن كقطعة قماش قديمة ومهترئة تتناثر كرماد يوم عاصف، لم يعد بيننا رمق لمزيد من الأوجاع، اتركونا، دعوا الوطن يعيش بكرامة. [email protected]