اختلطت كل الأوراق السياسية وتداخلت كل الاتجاهات وتشوهت كل معالم الحاضر وبات مستقبل اليمن قاتماً في ظل الانهيار التام لكل مقومات الحياة، ولكل مقومات البناء ولكل مقومات المواطنة في اليمن.. والأدهى من ذلك هو انهيار كل مقومات الدولة مقابل تنامي كافة أشكال التمرد والفوضى والإرهاب على الواقع المعاش. ولعل أكثر ما يجعل الألم يحز في نفوسنا هو جريان الدماء اليمنية الزاكية ومسلسل الاغتيالات المرعب الذي أضحى يتوسع ويطال المكونات السياسية والعسكرية والأكاديمية أيضاً.. ويعد ذلك مؤشراً خطيراً على دخول مرحلة خطيرة جداً في تاريخ اليمن ستكون عواقبها وخيمة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي. كل هذا الانهيار يحدث ومازالت القوى السياسية مستمرة في كيل الاتهامات لبعضها البعض وتمارس رعب المؤامرات التي ستزيد من استشراء التفرقة والشتات للوطن وستفاقم أيضاً من انهمار الدم اليمني أكثر وأكثر وتقارب بيننا وبين نشوب حرب أهلية لن يصمد اليمن أمامها كثيراً لأنها لن تنهيه وحسب بل ستكون وبالاً على كل المنطقة العربية إذا لم تستشعر القوى السياسية حجم الانهيار الذي يواجه اليمن في ظل هذه الأحداث الدموية ومزالق الاغتيالات المدمرة. مرعب جداً ما آل إليه واقعنا من هدم وانحسار السلام لأدنى حالات الجدب ونمو الدمار والموت وشلالات الدماء. ومرعب أكثر التناقض الذي بتنا نسير به واقع بلادنا ويجعلنا نرثي لحالنا المزري وحال وطننا الذبيح.. نقول إننا نريد النجاة لبلادنا لكننا نفعل الضد ونسير به من هاوية إلى هاوية ونتمترس على كل زقاق وهضبة ومدينة وأيدينا على زناد البنادق.. نقول إننا نريد دولة مدنية بينما نكهة الموت وضريح الأشلاء تتناثر من أقصى اليمن إلى أقصاه. فعندما يكون القول عكس الفعل نتحول إلى مجرد أبواق تنعق بكل الشرور والأعمال القبيحة، وهذا ما يحدث على أرض الواقع للأسف. حريٌّ بكل المتهافتين على الإطاحة بالوطن واغتيال فرص انعتاقه أن يعوا ويتذكّروا أن ما يحرقونه هو أيضاً بلدهم، وإن ما يشعلون فيه من أحقاد هو بلد أبنائهم من بعدهم، فمتى سنتوحّد عند مفردة لا شريك لها وهي اليمن؟ ومتى سنترك لغة الأنا المفرطة والتعصّبات الجاهلية وننحاز إلى صفّ الوطن؟ متى يا ترى؟. [email protected]