مع استكمال أداء مراسيم اليمين الدستورية لآخر وزير في حكومة بحاح، أبرقت في نفوس اليمنيين بوادر الأمل. وبدأ الناس يشعرون بالأمن والاطمئنان إلى حد ما، وأزهرت في نفوسهم الآمال والأماني بإمكانية استئناف عملية بناء الدولة المدنية الحديثة الذي كاد العمل أن يتوقف فيها بل وكاد اليمنيون نتاج الأحداث الأخيرة أن يفقدوا الأمل في بناء الدولة التي ينشدونها والتي كانت هدفاً رئيساً لثورة فبراير السلمية، والتي أكدت عليها مخرجات الحوار الوطني. فعلاً لقد كان اليأس بدأ بالتسلل إلى نفوس اليمنيين وبدأ الخوف من المجهول يداهم مشاعرهم، عندما شاهدوا وعايشوا عجز فرق العمل السياسي عن تشكيل حكومة جديدة، وكان الوضع في طريقه إلى الفراغ الحكومي، وربما كان سيقود بدوره إلى فراغ دستوري، وهذا ما أثار مخاوف اليمنيين. فالإنسان اليمني بطبعه قد يقبل بحكومة فاسدة أو حكومة محاصصة أو حكومة الحزب الواحد لكنه لا يقبل بأي حال من الأحوال أن يعيش بدون حكومة وبدون دولة، إنها مرحلة الفوضى التي يخشاها ويتحاشى الوصول إليها كل اليمنيين باختلاف مناطقهم وانتماءاتهم المذهبية والسياسية. وهنا تكمن أهمية حكومة بحاح بالنسبة للمواطن اليمني على المستوى النفسي أولاً؛ كونها دحضت مشاعر اليأس والإحباط في نفوسنا وبتشكيلها أشرقت بوادر الأمل. هذا الأثر النفسي لحكومة بحاح سينعكس بدوره إلى عامل إيجابي في إمكانيات الحكومة وطرق أدائها. وذلك لأن معالي السادة الوزراء عندما يدركون حجم الأثر النفسي الإيجابي لحكومتهم في نفوس المواطنين فإن هذا العامل بدوره سينعكس على نفسية الوزراء ويمنحهم طاقة هائلة من القوة النفسية تؤهلهم لتقديم أقصى كمية من الجهد الرسمي والحكومي في كل وزارة. أضف إلى ذلك أن الأثر النفسي السائد في الأوساط الشعبية سيدفع غالبية المواطنين إلى دعم ومساندة الحكومة اليمنية على تنفيذ خططها وإجراءاتها الرسمية على أكمل وجه. وهذا العامل بذاته يمثل إمكاناً إضافياً يساعد حكومة بحاح على إنجاح مهامها الانتقالية، فالدعم الشعبي لأي حكومة هو من أهم أسباب نجاحها، وهذا العامل متوفر بكمية كبيرة لحكومة بحاح وبدون أي جهد رسمي. لكن السؤال المهم هنا هو هل يدرك معالي السادة الوزراء في الحكومة قيمة الدعم الشعبي لهم؟ وهل ستساعدهم الظروف على استغلال هذا الدعم وتحويله إلى قيمة نجاح وطنية؟! العامل الثاني الذي سيسهم في نجاح حكومة بحاح ويمنحها صفة التميز عن الحكومات السابقة أنها حكومة كفاءات، أو على الأقل نستطيع القول إنها حكومة تكنوقراط إلى حد ما على الأقل، وهي أول حكومة تمتاز بهذه الصفة. لقد تشكلت حكومة بحاح وفقاً للنسب التالية: 50 % تكنوقراط ،38 % أحزاب ، 12 % نساء. وتشكيل الحكومة وفقاً لهذه الخارطة يقدم في مضامينه عوامل نجاح أساسية للحكومة، إذا أحسن السادة الوزراء أساليب عملهم وطرق الأداء الرسمية. فالحكومة الحالية تمتلك كفاءة وطنية بنسبة النصف ولا يستطيع أحد إنكار هذا العامل، ولعل الشاهد الحي في اختيار الكفاءات العلمية هو اختيار الدكتور عبداللطيف حيدر وزيراً للتربية والتعليم، وهو رجل ليس له أي نفوذ سياسي ولم يمر عبر قنوات حزبية، لكنه رجل يمتلك إمكانات علمية كانت ومازالت البلد بأمس الحاجة إليها. ولكن حتى نكون منصفين في تعليق آمالنا على الحكومة يجب أن ندرك أن الحكومة وإن كانت حكومة تكنوقراط فإنها لا يمكن أن تحقق نجاحاً ما لم تمنح الصلاحيات الكاملة بدون انتقاص وبدون تدخل. الميزة الإضافية لهذه الحكومة أنها تضمنت وجوهاً جديدة تمتلك خبرات متخصصة، كل وزير في مجاله، وعلى سبيل المثال: الرائعة أروى عثمان التي بذلت جهوداً متميزة في خدمة التراث الشعبي والثقافة الشعبية في اليمن عموماً قبل أن تصل إلى الوزارة، وقد جاء تعيينها في وزارة الثقافة ليرفد الاختصاص بالخبرة والمعرفة، وهذا ما حدث مع وزراء آخرين، وهذا بذاته يساعد الوزير على أن يقدم أكثر في وزارته.. إذاً نحن أمام حكومة تمتلك إمكانيات النجاح ولا ينقصها حتى تكون حكومة ناجحة إلا أن تمارس كامل صلاحياتها. [email protected]