لم تعد الصحافة السلطة الرابعة وحسب، بل أثبت الواقع من خلالِ الأحداث التي مُنيت بها الشعوب العربية على وجه الخصوص، أنها السلطة الأولى ومزلزلة عروش الطغاة في كلِ مكان، هذا بالنسبة للفنونِ الصحفية بشكلٍ عام، وخاصة مواد الرأي، والمواد التفسيرية، وهنا استجد في العالمِ العربي مؤخراً (الصحافة الاستقصائية)، التي هي بحد ذاتها امبراطورية مستقلة عن الفنونِ الصحفية الأخرى، لأنها لا تنقل آراءً فقط بل تكشف الخلل والفساد في مؤسساتِ الدول التي تُجرى فيها التحقيقات الاستقصائية، والأخطاء التي تقع فيها المجتمعات دون وعي منها، وتعتمد على وثائق وأدلة وتتحاور مع الجهاتِ المتورطة في كشفِ المستور، أو ما يسمى (بقريةِ المصادر)، وهي صحافة أخلاقية، لأنه ليس الغرض فيها نشر غسيل الآخرين فقط، بل تقوم على أسسٍ منهجية وضعها مؤسّسوها وخبراء عالميون لهم باع طويل في هذا المجال، وقبل فترة ليست بالطويلة تم تأسيس شبكة أريج/إعلاميون من أجل صحافة استقصائية ومقرها الرئيسي الأردن، بالشراكةِ مع المركز الدولي للصحفيين والذي يتخذ من أمريكا مقرًا له، ومن حظِ الدارسين في جامعةِ صنعاء - كلية الإعلام لهذا العام- أن تم إقرار المادة على طلبة المستويين الثالث والرابع، قسم الصحافة ليأخذوا جرعات تأسيسية، وهي خطوة أكثر من رائعة تُحسب لجامعة صنعاء، ولقسم الصحافة بكلية الإعلام، لأنها سبقت دول الجزيرة العربية في هذا المجال الجديد عالم الصحافة الاستقصائية. ما ميّز مؤتمر أريج السابع لهذا العام مشاركة طلاب من جامعات عربية أدخلت مادة الصحافة الاستقصائية ضمن مناهجها، كالأردن واليمن ومصر وفلسطين والمغرب وسوريا ولبنان والذي كان شعاره لهذا العام: الإعلام العربي: معركة الاستقلالية. وضمن برنامج أريج كانت هناك ورشة رائعة للمدرب العالمي تيم سباستيان، عن كيفية انتزاع الأسئلة أثناء العملِ الاستقصائي، حيث قال: المسئولون لا يُساءلون، ولا يتم الوقوف بهم أمام محكمة العدل الدولية؛ بل الرأي العام هو من يُحاسبهم بعد أن تكون أنتَ قد قمت بواجبك، ويضيف: أنا على يقين أن زلزلة ما سيحدثها تحقيقك الاستقصائي، وتكون ردة الفعل غير عادية، وهذا يكفي أن المتهم لم يعد يسرح ويمرح بمزاجه، بل سينظر له المجتمع كمتّهم ومجرم خطير، واقترح السيد تيم أنه من المفترض أن يكون هناك برلمان يواجه فساد المسئولين، وهذا ما تسعى له أريج ضمن خطتها الجديدة بتشكيل لجان مختصة من البرلمانات التي تهتم بالصحافة الاستقصائية، يتم من خلالها عرض نتائج التقارير الاستقصائية وهي أيضًا خطوة أكثر من جريئة في مواجهةِ المفسدين. وكذلك ورشة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها وهي: السيناريو المخفي: رسم وإعداد قصص التحقيق الاستقصائي...لد/مارك لي هنتر.. وهي مقاربة منهجية للقضايا الأساسية في الاستقصاء..وغيرها من الورش ذات العلاقة بالعملِ الاستقصائي. 5أيام في العاصمةِ الأردنية عمّان مرت كالخيال، نظراً للبرنامج الممتلئ بأطايب الصحافةِ المتطورة ،والراقية على مستوى العالم، والذي أعدّته شبكة أريج خلال 3أشهر حتى يؤتي ثماره الناجحة.. وبالفعل وفقت أريج إلى حدٍ ما في إيصال الفائدة القصوى للمشاركين من مختلفِ دولِ العالم. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر