توافق حدوث (بداية العام الميلادي الجديد) بمولد عيسى عليه السلام، و(ربيع الأول) بمولد نبينا محمد عليه الصلاةو السلام لمحة في عالم الأديان والرسالة الربانية لأجل الإنسانية. عالم بما يحوي من تناقضات عقائدية واختلافات دينية، إلا أن أصل الرسالات، وغاية المرسلين هي إقرار العبودية لله وتحقيق السلام للبشرية. ففي لحظة الذاكرة لميلاد عيسى عليه السلام رسول التسامح نجد عالمه الذي يُعتقد أنه مؤمن به نقيض رسالته فباسم (المسيح عيسى) يُعاث فساداً، وتنتهك سيادة الدول، وتُهان كرامة الإنسان وحريته. عيسى عليه السلام الذي جاء مصدقاً برسالة موسى، ومبشراً برسالة محمد عليهما السلام: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) الآية 6 سورة الصف. هو ذاته الذي أحيا البشرية من موات عقائدي وجسدي: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) الآية110سورة المائدة. رسالة المسيح عيسى انقلاب كوني في عالم الإنسان، وتهذيب روحي، وارتقاء إلى ملكوت الله الواحد، وما اتخذ نفسه إلهاً من دون الله وما كان له أن يفعل: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ....) الآية117سورة المائدة. وفي رسالته معاني العفاف والطهر والسمو والإعجاز، وإن تميزت خصائص الرسالات بما أرادها الله.وبالمقابل فمولد رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام إيذاناً بتوديع البشرية لتراكمات المساوئ، واختلالات العقائد، وإتماماً لقيم الأخلاق، وتصديقاً بالرسل من قبله :(لَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الآية157 سورة الأعراف. وإذا كان عالم عيسى عليه السلام اليوم قد انحرف عن طريقه، والتصق بالدونيات، وترك روحانيات السماء، واختار العداء لأخيه الإنسان فإن عالم محمد عليه السلام قد افترق في مفارق طرق ورمى بأخطائه وأفعاله إلى الإسلام. في عالم واحد يجمعه المتناقضات تبدو صورة إبداعية ربانية جميلة الأركان بمولد النبيين (عيسى ومحمد) عليهما السلام. ولو كانا بيننا لنفضا مساوءنا وقالا: ( إنا بُراء ....) فقد أحلنا عالمهما النوراني ظلاماً وتنكرنا لأوامرهما ولم نعد نتذكر سوى مجرد (تاريخ ميلادهما) وتناسينا (موت عالمنا). [email protected]