البارود اعتلى سماء اليمن, والأدخنة غطت القلوب قبل الأجواء،والنار مازال يشتعل في مواقد الواقع القبيح والرماد يحرق بأسنته اكباد المقهورين ويجلد بلهيب سياطه البسطاء في وطن صار هشيماً ومرتعاً للعابثين .. فشل السياسيون في لم بعثرة هذا البلد المتشظي وفشلت ذرات الوطن ان تعيدهم لثراه الغالي، بعد أن ضيعت الاطماع السياسية ولاءهم لوطنهم. و بعد فشل السياسيين يثبت الواقع الناري أن المثقف ايضاً فشل في جبر تكسرات الأرواح المتناوشة بالأحقاد .اثبت أنه لم يستطع أن ينهض بدوره الحقيقي في لم شتات البسطاء وتهدئة المواطن الكادح بعقل وحكمة وروية باعتبار أنه صوت المقهورين ولسان حالهم ويترجم انينهم ويداوي جراحهم بعقلانية وحيادية بعيدة عن التعصب والانحياز لأي طرف كان. إنما وللأسف الشديد غلب الغثاء على ما ينفع الناس،وبدا المثقف ضعيفاً عاجزاً عن اداء دوره الحقيقي وأصبح يزيد في إشعال الجمر والحطب والسبب أنه قيّد فكره الكبير وعلمه الواسع بقضبان التعصب لفرد ولحزب وطائفة ،وطاف حولهم وحام حول حماهم وسبّح بحمدهم ، وباع عقله لصراع الساسة، وترك مكانه بين اوساط الكادحين ودخل في مهاترات وملاسنات ونصر باطل السياسة على حق البؤساء في حياة مكفولة وكرامة مصانة على أرض وطنهم .. أصبح الصراع أيضاً صراع مثقفين لكنهم غير مثقفين إطلاقا بل اطلقوا شرارات الكلمات التحريضية، فتحريض الكلمة أشد من طلقة الرصاصة، طلقة الرصاصة تنتهي بالموت اما الكلمة تظل حية للأبد ويرتسم على جبين الدهر أثرها فتصبح اكثر تدميراً من الرصاصة لأنها تجرثم العقول وإن تجرثم العقل فسد كل الوطن . لم يستطع المثقف بعلمه وفكره أن يؤثر على السياسي بل العكس هو الذي حدث ،حيث صار بعض المثقفين اتباعا للسياسيين في كل ما يقومون به من عبث في حق هذا الوطن الموؤد. للأسف الشديد استطاع السياسي ترويض فكر بعض المثقفين لصالحه ولصالح صراعاته مع الآخر واستغل المثقف اسوأ استغلال فاستسلم المثقف له وصار لسانه الذي يوقد الشرر في نفوس وعقول الناس والواقع المعاش. كم كنا نتمنى ان ينأى المثقف بفكره وافكاره عن التسييس وعن صراع الساسة المحتدم ويظل في صفوف الكادحين ينادي بحقوقهم المسلوبة وبكراماتهم المهانة وبدمائهم المراقة،إنما السياسة طغت واكتسحت كل شيء و أكلت كل اخضرار في نفوس تحتضر ومازالت تشق طريقها في أرض صارت يباباً على بقايا هذا الوطن المتهالك.. إنما ورغم ذلك مازال الوقت متاحا كي يعود المثقف لأوساط المقهورين إن اتبع ضميره الوطني وأحقية الوطن لعقله ولعلمه وليس للساسة المتناطحين على حلبة صراع سياسي قبيح .