أصبحت الأسباب التي أدت إلى تنامي الإرهاب في اليمن واضحة ومعلومة، ويأتي في مقدمتها أحداث ما يسمى “الربيع العربي” التي وجد فيها تنظيم القاعدة وأذرعه الأخرى فرصة للتمدد والانتشار في مناطق عديدة من اليمن.. ،إضافة إلى الدعم الذي وفرته له القيادات الدينية المنضوية في بعض المكونات الحزبية والتي مثلت الحاضنة الرئيسية لتلك العناصر والداعمة لها بشكل أو بآخر.. كما لا ننسى هنا الإشارة إلى بعض الأنظمة العربية والإقليمية والدولية التي أسهمت بشكل كبير في تحويل بعض البلدان العربية المستهدفة من ربيعهم الأسود وفي مقدمتها اليمن إلى بؤر للإرهاب ومستنقعات لنمو الإرهابيين وتنفيذ مخططها التآمري الهادف إلى زراعة الفوضى وتحويل تلك الدول إلى ساحات وميادين للصراع، وبالتالي إظهارها من الدول المنتجة والمصدرة للإرهاب!.. كانت اليمن في السنوات الماضية من الدول التي استطاعت تحقيق إنجازات فعلية في مكافحة الإرهاب.. حيث لم تتوان في متابعة وملاحقة كل الخلايا الإرهابية في أي منطقة من اليمن وضبط عناصرها ووضع حد لهذا الخطر الذي كان يستهدف اليمن واليمنيين.. وبعد كل ما تم تحقيقه وإنجازه قضت الأحداث والاضطرابات التي شهدها اليمن في الأربع السنوات الماضية على كل تلك الجهود وبدت وكأنها لم تكن، بل واستطاع تنظيم القاعدة بأذرعه المتعددة أن يعيد ترتيب أوراقه ويعيد انتشاره حتى تمكن من السيطرة على مناطق متعددة إن لم نقل محافظات، ومحافظتا أبين والبيضاء وأجزاء من محافظاتمأرب وحضرموت وشبوة دليل حي.. كما أن هذه الأربع السنوات العجاف في التاريخ اليمني المعاصر كشفت بوضوح عن الأذرع السياسية التي كانت تسهل لعناصر تنظيم القاعدة التحرك وتمدها بالسلاح في أحايين عديدة، إضافة إلى توفير الغطاء الإعلامي لجرائمها الإرهابية وتبريرها بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان!.. ليس عنا بخافٍ كيف تعاملت بعض القيادات الدينية داخل تيار سياسي معلوم مع توجه الدولة في 2012م لمواجهة الإرهاب في أبين وشبوة وإعلان الحرب على عناصره الإجرامية.. وكيف ضغطت وطالبت عبر وسائلها الإعلامية بوقف هذه الحرب حتى تمكنت من وقفها فعلاً؟!.. وليس عنا بخافٍ أيضاً كيف وظفت بعض القنوات الفضائية العربية مثل “العربية، الجزيرة،BBC” المواجهات المسلحة الأخيرة ضد عناصر تنظيم القاعدة وأذرعه المختلفة في الدفاع عن الإرهاب وتوفير الستار الإعلامي لعناصره من خلال تسميتهم بالقبليين المسلحين!.. أليست هذه الأحداث والوقائع كانت وراء هذا التنامي المخيف للإرهاب وما وصل إليه اليوم؟!.. ما يحدث يؤكد بوضوح أن هناك تواطؤاً من بعض الأنظمة العربية والإقليمية والدولية مع العناصر الإرهابية المدعومة من تيارات سياسية معينة بهدف تحويل اليمن إلى منطقة منتجة ومصدرة للإرهابيين، واعتراف تنظيم الجهاد الذي يمثل أحد أذرع تنظيم القاعدة بتبني ما حدث من جرائم إرهابية في فرنسا وتوعد قائدها بتنفيذ عمليات أخرى. مكونات سياسية وأنظمة عربية وإقليمية ودولية أرادت أن تتحول اليمن إلى بؤرة وموئل حقيقي للإرهاب، كما أن التوظيف السياسي والإعلامي لتلك الأنظمة لما يحدث في اليمن يؤكد مساعيها الحقيقية لجعل اليمن ساحة مفتوحة للإرهاب والإرهابيين.. لقد وصل الإرهاب في اليمن إلى مرحلة خطيرة تهدد ما تبقى من أمن واستقرار، وإن لم تدرك الدولة التي تعد المسؤولة الحقيقية عن مواجهة الإرهاب مدى هذه الخطورة، وما يحاك ضد اليمن فلن تقوم لليمن قائمة بعد ذلك وستتحول اليمن إلى سوق منتج حقيقي لتصدير الإرهاب عوضاً عما سيلحقه ذلك من أضرار على اليمن واليمنيين وعلى كافة المستويات!..