لفت انتباهي خبر قرأته عن اعتزام لجنة الدفاع والأمن في البرلمان العراقي تقديم استفسار للسفارة البريطانية ببغداد عن الطائرتين اللتين تم إسقاطهما وقبل أيام في منطقة الرمادي غرب العراق من قبل الجيش العراقي، بينما كانتا تقومان بإنزال مؤن ومعدات عسكرية للإرهابيين من تنظيم داعش، وهو ما دفعني للضحك حتى الثمالة، ليس لأن الخبر مثير للضحك بحد ذاته، وإنما لهول الاستخفاف بالعقل العربي ومدى الابتذال والتضليل الذي يمارسه الساسة والحكام على المواطن العربي حتى يبقى غائباً أو مغيباً عن رؤية حقيقة ما يدور حوله من أحداث وحقيقة ما يشهده محيطه العربي من المحيط إلى الخليج، ومن يقف وراء هذه الصراعات والمستفيد منها رغم علمهم أن هذا لم يعد ممكناً في ظل الفضائيات والإنترنت، وإن المواطن العربي لم يعد مخدراً وأصبح على قدر عالٍ من المعرفة بجانب كبير من الحقائق، ولهذا فمن الصعب إبقاؤه رهينة بيد الساسة ومنقاداً خلف صراعاتهم ونزواتهم وأهوائهم ودون وعي منه. فالمواطن العراقي ومعه السوري واليمني والمغربي والليبي والخليجي والمصري يعرف جيداً أن ما قامت به الطائرتان البريطانيتان واضح وجلي، ولا يحتاج إلى أي توضيح وهو أمر روتيني في إطار سياسة دعم ورعاية الإرهاب التي تنتهجها عدد من دول الغرب ليس في العراق فقط، وإنما في العديد من الدول العربية ويتم ذلك بكل شفافية ووضوح وتحت سمع وبصر الساسة العرب وحكوماتهم. فسياسة التفرقة وإشعال الصراعات والحروب واستمرارها وإطالة أمدها من أهم الثوابت والمرتكزات التي تقوم عليها السياسة البريطانية والأمريكية بالذات لضمان بقاء هيمنتهم والحفاظ على مصالحهم. منذ أشهر بدأت أمريكا وبريطانيا ومعها عدد من الدول الغربية بشن غارات جوية على مواقع داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية في العراقوسوريا في إطار ما أسموه التحالف الدولي ضد الإرهاب ورغم مئات الضربات الجوية، إلا أن الواقع الميداني لم يتغير ولا زالت داعش تسيطر على العديد من المحافظات في سورياوالعراق وكل يوم ترتكب جرائم جديدة، مما يكشف عدم جدية هذه الحرب وفاعلية الضربات الجوية ويفضح أكذوبة الحرب على الإرهاب. وأخيراً إسقاط الطائرتين البريطانيتين يؤكد أن هذه الدولة ملتزمة بدعم الإرهابيين ومساندتهم بكل قوة.. وما إعلانها الحرب على الإرهاب إلا أكذوبة لإخفاء حقيقة دعمها له وذر الرماد على أعين المواطن العربي الذي يكتوى بنار الإرهاب والدول التي تزعم أنها تحارب الإرهاب.. وكفى أيها الساسة استخفافاً بعقول مواطنيكم.