اجتياز أما الآن وهي تثني أنوثتها عن مخالطة المساء، فقد اجتازت بشرشفها غيمة صيفه التي انقشعت عن قلبها، ونَفَدَت من خلال حبيبها إلى يقين العتمة، لتصير جنّته، ويصير غناؤها المفتوح على روحها. مريم يا مريم التي غسلتْ ذراعي بالنبيذ، توقّفي عن طرق بوحي بالشجن، لا تبعثيني الآن في رسائلك الأخيرة للموتى وللأحياء ولا تُطيلي الرقص في قلبي، فقد شاخت على الطرقات أسمائي، وحرَّضني العويل على مقارعة المحن، يا مريمي لا تكسريني في مخيّلتي وأنا مسيحك، وابن وحدتك الأليفة بالصلاة. قَبَس يمكنني وضع ليلتي إلى جوارك، والنوم بدونها، لا تكترثي فقط بأسبابه، وانظري أي القلبين أزكى، فآتيك بقبسٍ منه. قميص وأنا أحتفل بخروج الذئب من قميص يوسف منتصراً بالحقيقة، أتحدث مع السماء عن إخوتي الذين خلعوا جسدي وأطعموني دوابهم، وعنكم حين أترككم حول قبره، تعوون ككلاب ضالة. تعثُّر لن أصل عمقها ما دامت تقضم سرتي بلحاها، وما دامت تنبش عيني بحثاً عن صورتها. استذئاب تستذئب الفضيلة، حين تحملها البنادق، ورؤوس الحمقى، وتَسْتَكْلَب الوطنية، حين تذود عنها رصاص القتلة واللصوص حراسة أعرف أنها تمنع عني عواء الليل، وتحرسني من الخطيئة، وتوقد داخلي نارها برداً وسلاماً، كوني عُصبة روحي، ومرايا أبدي أيتها القصيدة، ولا تدخليني من بابٍ واحدٍ وادخلي من أبوابٍ متفرّقة. ليل إذا انكسر الليل بصاحبه، قُل إنه شاخ باكراً وولد يمنياً. وإذا ما جنَّ، أعصُب رأسي بغناءٍ كاملٍ وأنام في الجوار. وضوح إجمالاً، أرى قلبي واضحاً كشمسِ أيلول، وأنشد كنساءٍ بعيدات ينشدن لبعولتهن نشيد المهزومين في الحرب، كل هذا الفضاء لا يتسع لطفلٍ فَقَدَ أباه في صراع القتلة ضيف حين يراني، يغنّي الحَمَام كما لم يفعل من قبل، وتظلّلني سحابةَ من خجلِها مسافة فرسخين، فتعلنني في ملائها ضيفاً بأركانٍ مكتملة. [email protected]