بادرة طيبة أن يلتقي الفُرقاء في محافظة تعز على طاولة واحدة ويجمعهم همٌ واحد وهدف مشترك هو العمل من أجل النأي بمحافظة تعز وأبنائها عن الصراعات السياسية والمذهبية والمناطقية، والوقوف صفّاً واحداً مع السُلطة المحلّية واللجنة الأمنية في المحافظة بما يعزّز تثبيت الأمن والاستقرار والقضاء على جميع الاختلالات. هذه هي حقيقة العمل السياسي؛ فحينما تكون مصلحة الشعب والوطن تكون مصلحة المكوّنات السياسية وليس العكس. لقد أكد فُرقاء العمل السياسي هذه الحقيقة؛ وأن بإمكانهم العمل المشترك ليس من أجل تعز وحسب وإنما من أجل اليمن كلّها، كما أن تأكيد قيادات فروع التنظيمات السياسية في تعز على وضع رؤية مشتركة تتضمّن الحلول والمعالجات للأزمة القائمة يعكس استشعارها لخطورة الوضع الناتج عن استمرار الأزمة وحرصها على تجنيب اليمن واليمنيين ويلات الصراعات. إيمان فُرقاء العمل السياسي في محافظة تعز بهذه الحقيقة لا ينبغي أن يقف عند حدود البيانات المشتركة، واللقاءات الدورية بينهم، وإنما لابد أن ينعكس على قواعدهم وأنصارهم في الشارع. من غير المنطق أن يلتقي الفُرقاء على طاولة واحدة ويُجمعون على ضرورة تهدئة الخطاب الإعلامي والابتعاد عن التحريض والتأجيج فيما أعضاؤهم وأنصارهم يتظاهرون في الشوارع كلٌ ضد الآخر، مردّدين شعارات ترفض الآخر وتجرّمه وتخوّنه وتزيد من حالة الكراهية بين أبناء الشعب..!!. أي تفاهمات واتفاقات بين قيادات المكوّنات السياسية لابد أن تصدر عن قناعة بهذا التوجُّه وصوابيته، وعلى هذا الأساس ينبغي على هذه القيادات أن تتخاطب مع أعضائها وأنصارها وتعمل على تهدئتهم وتوجيه خطابها الإعلامي والسياسي بما يسهم في تعزيز هذه التوجُّهات وإنجاح الاتفاقات. إلا أنه من المؤسف أن تبقى هذه الاتفاقات مجرّد حبر على ورق ولا تجد طريقها إلى التنفيذ؛ ويبقى الشارع في حالة احتقان دائم ومتواصل؛ وكأن ما تمّ الاتفاق عليه يخصُّ القيادات فقط..!!. ولعل الاتهامات التي تبادلها «أنصار الله» وحزب «الإصلاح» حول ما حدث الخميس الماضي؛ يكشف أن الهوّة لاتزال متباعدة بين الفُرقاء، وأن القيادات السياسية وإن التقت وتحاورت واتفقت إلا أن نقاط الخلاف مازالت قائمة وتجهض أي تقارب قد يحدث. لا فائدة من التوقيع على أي اتفاق ما لم تبادر القيادات إلى تبنّي ما تضمّنه وطرحه على قواعدها وأنصارها بكل شفافية ومسؤولية. إن الإيمان بالآخر والقبول بالتعايش السلمي بعيداً عن لغة التحريض والعنف؛ هو أساس العمل السياسي وإنجاح أي تقارب بين الفُرقاء، أما إن بقيت المكوّنات السياسية تتعامل مع أي تفاهم وتقارب من باب المراوغة السياسية؛ فذلك سيزيد من حالة التعقيد، وسيزيد أيضاً من حالة العداء والكراهية والتنافر؛ وستكون له تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي في المحافظة.