اليوم يصادف ذكرى شهداء «جمعة الكرامة»، لقد كان يوماً مشهوداً ارتقى فيها كوكبة من خيرة أبناء اليمن على الإطلاق، لقد استقبلوا الموت بصدور عارية من أجل اليمن، كل اليمن وفي مقدّمتهم القتلة الذين وجّهوا رصاصتهم إلى صدور طاهرة وهم لا يعلمون أنهم يقتلون أنفسهم من أجل السراب..!!. كان شهداء الكرامة» يمثّلون اليمن كلها، فهم يتوزّعون على محافظاتاليمن شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً وكأنهم برلمان منتخب لكنه برلمان طاهر لا ينظر إلى الشهرة ولا يتطلّع إلى تحسن أوضاع خاصة ولا مرتّبات وبدلات وكراسي؛ هم برلمان رشّحوا أنفسهم للتضحية والعطاء والبذل والموت من أجل من يمثلونهم. إنه الموت الذي يصنع الحياة، ومازال الشهداء حاضرين إلى اليوم، وأسماؤهم مكتوبة في قلب التاريخ اليمني وستفخر بهم الأجيال. يوم «شهداء الكرامة» كانت مجزرة رهيبة غير مسبوقة تكشف كم نحن بحاجة إلى قلع كرسي الحكم القائم على النار والبارود وجرّه إلى الشارع ملكاً للشعب وقوّة المجتمع وحقّه. يحتفل اليوم اليمنيون بهذه الذكرى وفاءً لهؤلاء الذين وهبوا أرواحهم من أجل التغيير تحت عنوان «وإن بسطتّ إليّ يدك لتقتلني؛ ما أنا بباسطٍ يدي إليك لأقتلك». ومادام الشعب محتفظاً بذاكرته ووفائه؛ فإن دماء هؤلاء الشهداء لن تضيع، وهي لن تضيع عندما تحقّق الكرامة والحكم الرشيد في اليمن؛ لأنها الأهداف التي ماتوا من أجلها، والوفاء للشهداء كل الشهداء هو أن تستمر الثورة وتتطوّر بعيداً عن الانتقام والإقصاء، مستوعبة كل قطاعات الشعب. فالثورة الشعبية عندما تقوم؛ فهي تقوم من أجل المواطن البسيط الذي هو علامة لكرامة الوطن وتحرّره، وهي لذلك ليست ملكاً لحزب أو جهة؛ بل ملكٌ للجميع؛ لأن الدولة المدنية والحكم الرشيد والمواطنة المتساوية وتوزيع الثروة وتكافؤ الفرص وكرامة المواطن لا تنتقي زيداً أو عمرو من الناس؛ وإنما هي قيم سياسية تسري على الجميع ويعود أثرها على الجميع. ولهذا يكون «شهداء الكرامة» هم شهداء الجميع، وبناء دولة مدنية قائمة على العدالة والمواطنة المتساويه هو خير لكل الشعب، وعلى الشعب أن يتحد ويرتص أمام قيم السياسة الناهضة، والوفاء للشهداء فهم ضمير الأمة ورافعة الروح القادرة على التغيير والعطاء وحماية اليمن. إن إحياء ذكرى شهداء أية أمّة؛ هو إحياء للروح الوطنية ومحفّز للوحدة والتلاحم واستمرار مسيرة التضحية من أجل قوة الشعب ومستقبل كريم ينشده الشعب اليمني منذ زمن؛ وقدّم من أجله قوافل من الشهداء عبر الأجيال. والخيبة والخسران أن نتجاهل هذه التضحيات وتتوقّف مسيرة الكرامة المخضّبة بدماء خيرة أبناء اليمن وأطهرهم، ف«الكرامة» مسيرة شعب لا تعرف التوقف أو الاستسلام، روحها الشهداء وعمودها الثوار. [email protected]