الأهمية الجيوبوليتيكية لليمن شكّلت ولا تزال محور الاهتمام الإقليمي والدولي لهذا البلد الذي رغم ما يمتلكه من موقع استراتيجي ، وموارد بشرية، ومقومات النهوض والتنمية لا يزال من الدول الأكثر فقراً في المنطقة وسط محيط إقليمي وجوار خليجي من الدول الغنية بالنفط، رغم التقارب الجغرافي، ومقومات التاريخ، والقواسم القومية الدينية المشتركة ضمن شبه الجزيرة العربية إلا أن تلك الدول لم تأخذ بيد اليمن بحيث يتمكن من التغلب على ما يواجهه من مشكلات اقتصادية وأمنية.. وكان يكفي أن تقوم بمنح اليمن العضوية الكاملة لمجلس التعاون الخليجي قبل أن تعبّر عن قلقها من التقارب اليمني مع دول أخرى.. مع أن اليمن في سياستها الخارجية كانت ولا زالت تولي العلاقات مع دول الخليج وشبه الجزيرة العربية الأولوية في علاقاتها الدولية. وكما هو معروف ما يشكّله اليمن من عمق استراتيجي، وتأثير على أمن الخليج وبالدرجة الأساسية أمن المملكة العربية السعودية (فلطالما رددت قيادات سياسية وأمنية في اليمن والخليج أن أمن اليمن من أمن الخليج، وأمن الخليج من أمن اليمن).. إن الفشل الذريع للقوى السياسية في استكمال تنفيذ التسوية السياسية المتمثلة في المبادرة الخليجية والذي بدأت ملامحه في تجاوز المدى الزمني للآلية التنفيذية بعدم قيام الانتخابات الرئاسية والنيابية بعد عامين من التوقيع على المبادرة، والمضي في التمديد التلقائي لمؤسسة الرئاسة، ومجلس النواب، مع ما أخذته لجنة صياغة مشروع الدستور من فترة قاربت العام.. كل ذلك وضع التسوية السياسية أمام تحديات لم تكن لتحدث لو أنه تم احترام عامل الوقت، وتنفيذ كل مهمة في وقتها.. لم تكن الأوضاع السياسية لتصل إلى الانفجار لو أنه تم تدارك تلك الأخطاء بالتوصل عبر الحوار الإضافي إلى ملحق مبرمج زمنياً لتنفيذ ما تبقى من مهام. إن ما وصلت إليه الأمور في الآونة الأخيرة من مواجهات مسلّحة لا يمكن أن يكون هو الحل المناسب للخروج من النفق المظلم وحالة الانسداد السياسي في مسار التسوية السياسية بفعل حالة الاسترخاء والمماحكات التي طبعت تصرّفات بعض القوى السياسية ومع ذلك نتمنى أن يكون ما حدث جرس إنذار يعيد التسوية إلى مسارها الحقيقي بشكل ينتصر لإرادة اليمنيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية لبناء اليمن الجديد على قاعدة السلم والشراكة (لا ضرر ولا ضرار). [email protected]