أتناول طعامي بيد واحدة واعتمد قناعة واحدة في الحياة : وهي انك حقيقتي الأكيدة وخياري الوحيد وآخر احلامي المندثرة على عتبات زمن رديء وموغل في ظلمته ووحشيته. قبلك كنت مغيباً في ردهات الموت والصراعات ؛ احصي كميات الدم الرائجة في مسارح الاغتيال ثم بدوت معك كطفل في العاشرة منتشياً بالحياة ، يمارس السباحة ويدك اعراض رفاقه بشتائم سيئة ولاذعة . لن اكون طرفاً في هذه الحرب ؛ لا بقلمي ولا بصوتي ولا باتجاهات نقاشاتي ..الحرب خيار قذر يتهافت عليه من شارفت ضمائرهم على الموت ، وأولئك الذين يرون العالم من دائرة ضيقة على رأس الكلاشنكوف ، اما انا فيمكن الرهان على انني سأقف كطفل في العاشرة لارسال الشتيمة لكل من تسببوا في اندلاع الحرب ؛ سألاحقهم في هواتفهم وايميلاتهم وصفحاتهم على شبكة الانترنت وسأجعل من ارواحهم مكبات نفاية لشتائمي الحادة والقاسية . ستخلق الحرب جيلاً من المشوهين ؛ كما فعلت في السابق يوم أحالت شمال الشمال الى كتلة من الخراب والدمار ؛ لحق الدمار بالمنشآت والبنايات والنفوس ونفخ في ارواح الكثيرين نزعة الى الانتقام بلغت ذروتها بدخول صنعاء وتحويلها الى عاصمة وحوش ثم البدء بفرز الناس على اسس عرقية وطائفية تغذيها رغبة في ممارسة الانتقام تجاه كل شيء ؛ غادر عشرات الالوف صنعاء على متن حافلات للاجرة هرباً من الموت ..الجيل الذي أفاق في فتوته على صوت المدفعية وهي تدك منزله على رؤوس اخوانه لا يمكن ان ينخرط في مشروع للسلام والبناء والرقص فوق اعشاب الحدائق العامة ..هو يعتقد ان الحياة اختارته ليكون خصماً لها ، وان المدفعية صقلت فيه كل الصفات الكفيلة بتحويله الى مشروع وحش متجرد من قيم الورع والرحمة . لن اكون طرفاً في هذه الحرب ؛ فليس هناك ما هو اسوأ من حمم المدفعية والوقوف على نافذة تطل على أراضٍ محروقة ومقابر ؛ وليس هناك ما هو اسوأ من اجيال مابعد الحرب ..تلك التي تكشف نماذج سابقة لها حجم الثقب الذي تحدثه في جدار الانسانية وحالة موات الضمير والرحمة التي تخلفها في الابدان والنفوس.