إذا كان معروفاً استهداف الوطن جرّاء هذه الحرب العبثية لمختلف تداعياتها؛ فإن التساؤل المُلح أيضاً عن أسباب التركيز المباشر في استهداف بنية الاقتصاد الوطني الذي تعرّض خلال الأسابيع المنصرمة من الحرب لضربات عسكرية جوية لم تعد خافية على أحد. ويبدو في طليعة المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي كانت عرضة مباشرة لهذا الاستهداف تلك المنشآت الصناعية والإنتاجية وتحديداً بُنية القطاع الخاص الذي تعرّضت هي الأخرى لحملات عسكرية ممنهجة ألحقت أفدح الضرّر وكلّفت أصحابها خسائر كبيرة، فضلاً عن أن إعطاب هذه المؤسسات من خلال الضربات العسكرية لقوات التحالف ليس لها ما يبرّرها؛ إذ أنها ألحقت - عوضاً عن تلك الخسائر - أضراراً اجتماعية واقتصادية مباشرة تمثّلت في تسريح آلاف العمال وانقطاع موارد أرزاقهم وغيرها من الأضرار المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد الوطني برمّته. ونذكر على سبيل المثال في هذه التناولة بعض تلك المصانع والمؤسسات التي طالتها النيران على امتداد فترة هذه الحرب والمتواصلة مع الأسف الشديد ومنها مصانع السمن والصابون والأغذية في محافظتي تعز والحديدة، فضلاً عن استهداف مطاحن وصوامع الغلال في عدن ومصنع الشركة الوطنية للاسمنت في لحج وغيرها من المنشآت الكبيرة والصغيرة منها. إن التوقُّف عند هذه الجُزئية التي تطال منشآت القطاع الخاص وتحديداً الصناعات الاستراتيجية كالغذاء والصناعات التحويلية؛ إنما لمخاطرها كذلك على إمكانية شحة هذه المواد التي ترتبط بها حياة المواطن كالقمح والدقيق والتي باتت اليوم شحيحة في السوق المحلية جرّاء هذا الاستهداف المنظّم، بل ثمة إشكالات عديدة أخرى مرتبطة ارتباطاً جدلياً بتبيعات استهداف الرأس مال الوطني الذي يمثّل العماد الأساس في بنية منظومة العملية التنموية بصورة عامة والحياة المعيشية للمواطنين بصورة خاصة. وتبعاً لذلك هل يدرك القائمون على هذه الحرب العبثية مخاطر استهداف هذا القطاع ومنشآته الصناعية في إطار منظومة العمل الإنتاجي على حاضر ومستقبل الوطن، أم أنهم سيمضون في هذه الحرب العبثية التي ستقود الجميع إلى الكارثة..؟!. هذا هو التساؤل المطروح اليوم بمرارة وإلحاح والوطن بأكمله يتعرّض لمؤامرة تستهدف عرقلة انتقاله الحضاري، ويبدو أن القطاع الخاص وتحديداً الرأس المال الوطني مطلوب رقبته في مشهد الدمار القائم راهناً..!!.