ملعونة كل حرب تخاض بين أشقاء وأخوة، وفي هذه الأثناء تدور رحى الحرب في بلدي اليمن أصل العروبة و من وصفهم الرسول الأعظم بالحكمة والإيمان وبذوي القلوب الأكثر رقة ولن أدخل في دواعي ومبررات هذه الحرب المجنونة الشعواء لدى أي من الأطراف المشاركة فيها. فالمحللون السياسيون قد أشبعوا هذا الجانب وأغلبهم نفخوا في جمر الخلافات ونجحوا أخيراً في إشعال الفتيل... ما سأتناوله هنا هو حجم الدمار الذي سببته الحرب حتى الآن وما قد تسببه.. فلنا أن نسأل هل يعد المتحاربون أحراراً في توزيع الدمار وإراقة الدماء في أي من مناطقنا دون قيود ؟ وهل لهم أن يقاتلوا من أي مكان ؟ وبأيٍ كان؟ وباختصار هل للحرب حدود؟! وللإجابة على هذه التساؤلات الهامة نرجع إلى اتفاقيات جنيف الأربع 1949 وبرتوكوليها الملحقين 1977م وليكون حديثنا قريباً من القارئ سنقول إن الحرب أو النزاع المسلح متى نشب يصعب السيطرة على مجرياته فترتكب الأخطاء والانتهاكات منها ما يوجه للبشر « المدنيين » وهم كل من لم يشارك في المعركة أو من لم يعد كذلك وبهذا التعريف يصبح الجنود الجرحى والجنود الذين تركوا سلاحهم وكذا الساسة مدنيين إضافة إلى الأطفال والنساء والشيوخ. ومن التجاوزات ما تتعرض له الأحياء السكنية وكل مبنى له استخدام مدني حصراً كالمدارس والمشافي ومؤسسات الدولة الأخرى وكذا المعالم الثقافية كالمتاحف والقلاع التاريخية والقصور الأثرية والمناطق و المحميات والمدن التاريخية ووفقاً للقانون الدولي الإنساني يمنع استهداف تلك المعالم كما يمنع استخدامها لأغراض عسكرية بمعنى لا يمكن لأي طرف أن يهاجم أو يدافع من مسجد أو قلعة تاريخية كما يحظر عليه نقل أسلحة بسيارات الإسعاف وبالتأكيد يمنع أن يتم تجنيد الأطفال « أقل من 15 عاماً» أو أن يقاتل طرف بلباس مدني كون كل تلك المخالفات تعد مبرراً لاستهداف تلك الأماكن والفئات وعادة ما يكون الدمار واسعاً والخسائر أكثر من أن يتم احتوائها أو تعويضها سيما خسائر الأمم لمخزونها الحضاري وكنوزها الأثرية التي حتماً لم يسهم الجيل الحالي ولا الذي قبله في إبداعها ولا هو أيضاً قادر على أن يعيد ترميم ما قامت عوامل الزمن بتركه على تلك المعالم. وختاماً ليعلم الجميع من المشاركين في هذه الحرب من اليمنيين أو من تحالف عاصفة الحزم أن هذه الأرض موطن لحضارات قادت الإنسانية قبل آلاف السنين ولذا لا يوجد في بلادي موطئ قدم إلاّ و له حكاية في سفر الإنسانية الخالد منذ فجر التاريخ... فرويدكم يا هؤلاء اعلموا أن استهداف المدن والمناطق والمعالم الثقافية دفاعاً وهجوماً وسرقة و تدمير و قصف هو جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ولا يصعب اقتفاء أثر مرتكبها وقبل أن ينال عقابه من سلطة القانون محلياً أو دولياً ستلاحقه لعنات الناس والتاريخ ولعنات الأجيال اللاحقة لكل من قام بالعدوان على وجه بلادي المشرق و المشرف. المجد لكل الشهداء من ضحايا قصف السماء وعبث الأرض والشفاء للجرحى وليحفظ الله اليمن والشرفاء من أبنائها. (*) من أغنية الموسيقار لطفي بوشناق «أنا مواطن».