الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاط طائرة أمريكية في أجواء محافظة مأرب (فيديو)    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وفاة طفلين ووالدتهما بتهدم منزل شعبي في إحدى قرى محافظة ذمار    رئيس الاتحاد العام للكونغ فو يؤكد ... واجب الشركات والمؤسسات الوطنية ضروري لدعم الشباب والرياضة    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعم الشعبي في 94م
انتصار للحكمة والوحدة اليمانية
نشر في الجمهورية يوم 07 - 07 - 2009

يمثل يوم السابع من يوليو يوم انتصار الإرادة الشعبية الجماهيرية للوحدة اليمنية المباركة.. إذ أن حرب الردة والانفصال في 94م لم تكن صداماً سياسياً أو عسكرياً بقدر ما مثلت تصدياً شعبياً لكيد الخائنين الذين حاولوا إجهاض الإنجاز الوليد الذي تحقق للشعب اليمني بعد طول انتظار..
لذا لا غرابة أن يهب الشعب اليمني بأكمله وبكل فئاته وشرائحه خلف المدافعين عن وحدته ومنجزه التاريخي العظيم.. ولذا تقاطر أبناؤه «رجالاً ونساءً» متنافسين على تقديم الدعم والمساندة للدفاع عن الوحدة وبذلوا كل ما باستطاعتهم في سبيل إرساء وتثبيت دعائم الوحدة.. وفي هذا الاستطلاع نستعرض الدور الهام الذي لعبه الدعم الشعبي في الانتصار للوحدة اليمنية المباركة:-
حماس وطني
في البداية يحدثنا المقدم فؤاد علي سنان محمد - أحد الضباط المشاركين في الدفاع عن الوحدة، مؤكداً أن الدعم الشعبي والإمدادات التي كان يبعث بها المواطنون كان له تأثير كبير على مجريات الأمور وساهم اسهاماً فاعلاً في رفع الروح المعنوية للجنود إذ يقول:
كانت تصلنا الامدادات الأهلية وتتقاطر إلينا قوافل الدعم الشعبي محملة بالمؤن والمواد الغذائية والهدايا التي لم تكن تخطر لنا على بال.. وبالرغم من أننا كنا في غير حاجة لمعظم ما يصل نظراً لتوفر الامدادات العسكرية والتموينات الغذائية العسكرية.. إلا أن ما يصل إلينا من امدادات الدعم الشعبي كان له تأثير السحر علينا، وكان يبعث فينا الروح المعنوية والحماس الوطني الكبير.. ويشعرنا بأننا أمام مسئولية كبيرة في الدفاع عن وحدة الوطن وأمنه وتحقيق أمل هؤلاء الناس الذين يبعثون لنا بهذه الإمدادات وكأنهم يعلقون علينا كل آمالهم وأحلامهم في الحفاظ على وحدتهم ومنجزهم التاريخي العظيم.
كانت الإمدادات التي تأتينا عبر الدعم الشعبي تتنوع ما بين كيك وفطائر وحلويات وفواكه وعصائر وكباش وسمون وأشياء كثيرة مختلفة.. وكانت القيمة المعنوية لهذه الأشياء أكبر من قيمتها المادية، فحين كنا نتناولها نشعر بأننا لسنا وحدنا - كجنود - في الميدان وكأن من يبعثون لنا بهذه الأشياء موجودون بيننا، ويقفون معنا جنباً إلى جنب ويرافقوننا في حلنا وترحالنا.. الأمر الذي كان يبعث فينا مزيداً من روح الحماسة ومزيداً من العزيمة والإصرار ويمدنا بالطاقة المعنوية اللازمة لإنجاز مهمتنا الوطنية.
مساندة كبيرة
ويضيف المقدم فؤاد سنان قائلاً:
كان بعض الجنود يجدون في بعض المواد والمعمولات الغذائية المنزلية كالكيك والكعك والفطائر وأشياء ثمينة كالحلي الذهبية الصغيرة مثل الخواتم والأقراص والدبل والجنيهات الذهب وغيرها من الأشياء التي كانت تضعها ربات البيوت داخل تلك المواد كتعبير عن الدعم والمساندة وكتشجيع للمدافعين عن الوحدة.. وكان العثور على مثل هذه الهدايا رغم بساطتها يثير الحماس ويرفع الروح المعنوية للجنود بصورة غير متوقعة.. ليس لدى الجندي أو الضابط الذي وجدها فقط بل لدى كل اخوانه وزملائه الذين كانوا يرون أنها مرسلة إليهم كلهم وأنها هدية تعنيهم جميعاً وتذكّرهم أنهم في مهمة كبيرة للدفاع عن وحدتهم الغالية.. حتى إن البعض لايزالون يحتفظون بمثل تلك الأشياء..
دعم معنوي
أما العقيد محمد حسن الحراني المشارك في الدفاع عن الوحدة عام 1994م أكد أن الدعم الشعبي كان هو الأساس القوي في الانتصار للوحدة وترسيخ دعائمها وإرساء رايتها العظيمة إذ يقول:
حينما نتحدث عن الدعم الشعبي والمساندة الجماهيرية خلال حرب صيف 1994م، فإننا نتحدث عن كل أسباب النصر وأهم عوامله.. فلولا الدعم الشعبي ما استطعنا أن ننجز أو نحقق أي شيء.. وأنا لا أعني الدعم الشعبي الممثل بالامدادات والمعونات التي كانت تصلنا فقط وإنما أعني ما كان يمثله ذلك من حافز قوي وحماسة شديدة لدينا في الانتصار لإرادة الشعب وتلبية نداء الواجب الوطني المسنود بالتفاف جماهيري وشعبي الأمر الذي كان يولد فينا طاقة هائلة في الاستماتة من أجل الوحدة وإرساء رايتها العظيمة تحقيقاً لرغبة الجماهير والإرادة الشعبية.
فالأشياء البسيطة التي كانت تصلنا من أمهاتنا واخواننا وآبائنا كنا ننظر إليها كقيمة معنوية وليست كقيمة أو فائدة مادية.. فأنت في ميدان المعركة إن لم يكن لديك حافز معنوي ومبدأ عقائدي يدفعك إلى الأمام فلن تجدي كل أموال الدنيا في دفعك، فلا أهمية لأي مادة أو امداد إن لم تحملك معنوياً على أداء واجبك وتذكّرك بالهدف السامي والغاية النبيلة.. ولذا فإني أؤكد أن انتصار 7 يوليو كان انتصار شعب بأكمله، ولولا دعم هذا الشعب لما تحقق لنا ذلك.
نباهة شعبية
الشيخ محمد منصور مهيوب الشدادي فتحدث إلينا حول الدعم الشعبي المساندة للدفاع من الوحدة.. والاستفزاز الانفصالي للمشاعر التعبية آنذاك قائلاً:
لقد أثبتت حرب الردة والانفصال عام1994م يقظة ونباهة الشعب اليمني وتعاضده وتآزره في أوقات الشدة والأزمات؛ إذ هبت الجماهير الشعبية لنصرة الحق ودحر الباطل آنذاك، فقد مثّل إعلان تلك الشرذمة للانفصال والحرب ضد الوطن استفزازاً صارخاً وجارحاً لكل اليمنيين الذين لم تأب غيرتهم ونخوتهم الوطنية وحرصهم على مصلحة الوطن السكوت على ذلك الاستفزاز والاستهتار بأحلام وآمال الشعب.. فتدافع المواطنون من كل حدب وصوب منطلقين صوب نصرة ونجدة الوحدة المباركة والدفاع عنها.. وقدم كل شخص ما يستطيع تقديمه، وذهب الكثيرون متطوعين للمشاركة الميدانية والدفاع عن الوحدة في ساحة الاعتراك.. بينما شارك الآخرون - وهم الأغلبية - بالتبرع وتقديم ما تجود به نفوسهم وتستطيع أيديهم وإمكاناتهم.. حتى النساء لم يقفن مكتوفات الأيدي بل أسهمن مساهمة فعالة من خلال إعداد المواد الغذائية والأطعمة والتبرع بالحُلي والذهب لمساندة الدفاع عن الوحدة.. حتى إن إحدى النساء لم تجد ما ترسله إلى الجنود والأبطال واضطرت إلى التبرع بأحد كبشيها اللذين رعتهما وربتهما لذبحهما في عيد الأضحى.. وحين أعلن الانفصال في أيام عيد الأضحى قررت هذه المرأة الفاضلة أن تكتفي هي وأولادها بكبش واحد وقامت بإرسال الآخر كهدية ودعم للمدافعين والمقاتلين عن الوحدة، وليس هذا إلا مثالاً لمدى التضحية والإيثار اللذين يتسم بهما اليمنيون رجالاً ونساءً وإيثارهم حب ومصلحة الوطن على أنفسهم وأولادهم حتى ولو كان بهم خصاصة.
وعموماً ونؤكد نقول إذا أراد الله شيئاً هيأ أسبابه، فقد أراد الله لهذا الوطن الخير وكتب له التوحد عن التفرق وهيأ له أسباب تثبيتها وألف قلوب اليمنيين وجمعهم على كلمة واحدة قالوها بصوت مدوٍ «لا للانفصال، لا لهدم الوحدة» وأردفوها بالعمل الجاد والسعي الدؤوب لترسيخ الوحدة وتثبيتها.. وأصبحت اليوم بإذن الله وإرادته وبفضله وعونه ثم بسعي وجهد الأبطال الميامين ودعم كل أبناء الشعب لهم راسخة رسوخ جبال اليمن الشامخة كما قال فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، بطل الوحدة والتوحد والسلام.
حكمة يمانية
أما الشيخ سعيد باخميس فيقول:
لقد كانت اليمن في عام 1994م على شفا حفرة من النار وفتنة كبيرة كادت أن تودي بوحدتها الفتية المباركة وتقود البلاد إلى تشرذم وتمزق ومصير مجهول، لكن الخالق عز وجل، الله اللطيف الخبير أنقذنا منها ولطف باليمن من شر ذلك.. وهيأ أسباب وظروف اللطف والإنقاذ، وذلك بأن أبان لليمنيين كل اليمنيين الحق وكتب لهم نصرته ومساندته، وأراهم الباطل باطلاً وأرشدهم إلى دحضه ودحره.
واليمنيون بطبعهم وفطرتهم السليمة وحكمتهم الموهوبة حينما يجدون الحق ويرونه حقاً؛ فإنهم لا يتوانون عن الأخذ به ومناصرته أينما كان حتى ولو كانت القضية لا تمسهم مباشرة.. فما بالك حينما تكون المسألة مرتبطة بمصيرهم وتمس كيان وحدتهم وأمن وسلامة واستقرار وطنهم.. فإنهم لا يخنعون لأي باطل ويبذلون أرواحهم وأموالهم وكل ما يملكون للانتصار لوطنهم.. وهذا ما لمسناه ورأيناه وشاهدناه في فتنة الردة والانفصال؛ إذ هب الجميع مدافعين عن وحدتهم وباذلين كل ما لديهم لدعم ومساندة الدفاع عن الوحدة، مقدمين أنفسهم وأرواحهم قبل أموالهم في الانتصار للوحدة ونصر الحق على الباطل.
إن عادوا عدنا
ويضيف باخميس:
وبإذن الله وعونه كان للشعب اليمني ما أراده الله، وتحقق ما يحبه الشعب ويرغب في إنجازه، وهو تثبيت وترسيخ الوحدة ليستظل في ورافها كل أبناء اليمن ولينعم بخيرها وعطائها الجميع.
لذلك فأنا أرى أن من أهم أسباب النصر التي هيأها الله هي الدعم الشعبي ووقوف كل اليمنيين صفاً واحداً وراء راية الوحدة.. وذهب الخونة وعملاؤهم وطاش سهم كيدهم وخيانتهم؛ وذلك بفضل الله تبارك وتعالى الذي أخبرنا أنه لا يهدي كيد الخائنين «إنا الله لا يهدي كيد الخائنين» ثم بفعل وتضحية أبناء اليمن ومساندة كل الفئات الشعبية للوحدة، واليوم نرى أبواق أولئك الخونة يزمرون ويروجون لفتنة أخرى، رغم التكرم بالعفو عنهم ويحلمون بإعادة الكرّة، ولكن الشعب اليمني وكل أبناء الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه لهم بالمرصاد ولسان حاله كل اليمنيين يقول لأولئك: «إن عدتم عدنا» وإنا الله ليس بغافل عنكم.
ثقافة واعية
الدكتور محمد الدرة استعرض في ورقة بحثية دور الدعم الشعبي في إحباط محاولة الردة والانفصال قال فيها:
وصلت قناعة المراقبين للأوضاع في الجمهورية اليمنية عام 1994م إلى أن الانفصال الشامل محتم، وأن اليمن ستنقسم إلى عدة دويلات متناثرة، وخاصة عندما بدأت المناوشات في إبريل وتفجرت حرب دموية شرسة، عرفت بحرب الانفصال.
مؤامرة الانفصال وتمرد الحوثي أزمتان متلاحقتان غايتهما الانفصال وإحداث شرخ في الدولة، ولكن تحقق فيهما الانتصار للوطن، هل كان للشعب دور في ذلك، وما هي ثقافة الشعب، وأين تكمن قوة الجماهير اليمنية، للإجابة عن هذه الاستفسارات نبين الآتي:
القوة الحقيقية للشعب اليمني هي ثقافته الإسلامية، وهي الوعاء الحقيقي لثقافته السياسية، ولذلك إذا ما خرجت القيادات السياسية عن ثقافته أو فسدت الأنظمة السياسية؛ فإن الجماهير لن تقبل ولن تسلم بدوام سيطرة الأفكار المبتدعة، فالجماهير تمتثل القيم الإسلامية التي ترفض الانفصال والدعوة إلى التعصب المذهبي وتؤمن بالوحدة والإخوة الإسلامية، هذه الوحدة والإخوة هي أساس وعيهم السياسي وجذور هذه البصيرة تنبع من القرآن الكريم والسنة النبوية، وأن الاعتراف بالشرعية هو عمل إيجابي من أعمال التحدي التي يجب أن يواجهها كل مسلم، ومن ثقافة الشعب اليمني أن أي نظام سياسي لا يخدم سوى مصالح فئة معينة من فئات المجتمع اليمني هو نظام غير شرعي، ومن هذه العقيدة يبدو أنه يستحيل سوق الشعب اليمني بكامله بعيداً عن ثقافته، والإسلام لا يحتاج إلى مواثيق حزبية يصدرها السياسيون، وإنما الإسلام هو وصف إلهي للحصول على الاستقرار والسلام والسعادة البشرية، والإسلام أكثر الأدوات فعالية لإحداث التغيير من خلال الدعوة والتحدي والجهاد، وبداية فكر المسلمين هي الإدراك بأن الانفصال والدعوة إلى العصبية تمنع عن المسلمين بل عن البشرية كلها القيم المطلوبة من استقرار وسلام ووفرة وسعادة.
إن وعي الشعب بفضل توجيه الإسلام «واعتصموا» أفشل الحزب الاشتراكي قدرته على قيادته وإقناعهم بالوقوف ضد الشرعية، بل كان التناقض بين الشعارات التي كانت ترفع داخل الحزب لفترة من الزمن «الوحدة غاية» والدعوة إلى الانفصال جعل الجماهير تفقد ثقتها بهذا الحزب ولذلك كانت مواقف الجماهير اليمنية في مقاومة محاولتين من طرفين نقيضين يستهدفان استمالتهما إلى جانب كل منهما:
المحاولة الأولى: كانت من جانب الانفصاليين وجهودهم في تحقيق انسلاخ اليمن.
أما المحاولة الثانية: فهي في إثارة الفتنة المذهبية وهي جهود كذلك لتحقيق الفرقة والشتات.
لماذا تتهم الجماهير اليمنية بالجهل؟!
الكثيرون لايزالون يقبلون النظرة أن الشعب اليمني جاهل وعاطفي وكسول، ولأن النخبة السياسية في الحزب لم تتمكن من انتزاع الاعتراف من الشعب بشرعيتها وبأنظمتها السياسية تلقي اللوم على جهل الجماهير، ولعل الحقيقة هي عكس هذا الذي تروجه النخب الحزبية، لأن مواقف الشعب اليمني تجاه القضايا الأساسية والثوابت الوطنية تثبت وعي الشعب اليمني وعقلانيته ونشاطه، فكان موقفه أن رفض الانفصال وتوجه الشعب اليمني بأكمله وبجميع فئاته نحو دعم الوحدة الوطنية، مقدماً أغلى التضحيات بالروح والمال، فقدم الشهداء وقدم الأموال، وتحركت قوافل الدعم الشعبي الغذائية المادية والمعنوية للمجاهدين من أبناء القوات المسلحة والأمن وإلى كل المواقع الجهادية، فكان النصر ضد الانفصاليين ثم ضد دعاة المذهبية.
وهذا ليس جديداً على الشعب اليمني، فعند اندلاع الحركة الدستورية عام 1948م قال الشاعر علي أحمد باكثير:
ملك يموت وأمه تحيا
بشرى تكاد تكذب النعيا
يا أيها الشعب الطليق إلى
عهد الحياة فأحسن اللقيا
وقال البردوني:
إنما نحن أمة تبذل الأرواح
في ذمة العلا والخلود
وقال الزعيم جمال عبدالناصر:
اتهمنا بعض المغرضين بأقاويلهم الباطلة أننا صدّرنا الثورة لليمن، متجاهلين أن الشعب اليمني قد قام بثورته ضد الظلم والقهر عام 1948م قبل ثورة 22 يوليو في مصر.
وسؤال آخر يستدلون به على جهل الشعب هو إذا كان الشعب اليمني غير جاهل ولا عاطفي، فلماذا وقف مع الرئيس علي عبدالله صالح؟!.
الإجابة عن هذا السؤال هي أن الشعب اليمني تابع موقف علي عبدالله صالح الذي لم يلجأ إلى الحسم العسكري إلاَّ بعدما تأكد من أن لا خيار آخر أمامه، وأن الانفصال سيؤدي إلى كارثة، ويتذكر اليمنيون هذه المحطات وهي بين محطات كثيرة أظهرت أن اسم علي عبدالله صالح مرادف للاستقرار.
وأدرك الشعب مدى تمسك الأخ الرئيس بالوحدة، حيث كان مستعداً لكل شيء إلاَّ مسألة المساومة على الوحدة، حيث رفض جملة وتفصيلاً التفريط بهذا المنجز مهما كانت الظروف، وقالها بكل صراحة:
لقد كنا مستعدين أن نقدم مليون شهيد من أجل أن تبقى وحدتنا، وقد عملنا حسابنا لحرب قد تدوم ست أو سبع سنوات، وعندما قال: الوحدة أو الموت، أصبحت هذه الصرخة المدوية شعاراً خالداً لكل أبناء اليمن حاضراً ومستقبلاً.
ولذلك لم يحظ الانفصاليون بأي تأييد شعبي، وبقي المواطنون مؤيدين للقيادة الحكيمة بزعامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح.
وأشعل الانفصاليون نار الحرب ابتداءً من يوم 4 مايو1994م لتستمر ثلاثة وستين يوماً تقريباً، وانتهت يوم الانتصار العظيم في 7يوليو1994م، وكانت القوات المدافعة عن الوحدة والشرعية تحقق انتصارات حاسمة على طول خطوط القتال، وكانت الخسائر في صفوفها محدودة، وسعى جنود الوطن في كل شبر منه للانضمام في لحمة واحدة للتقدم لتخليص عدن من قبضة الانفصاليين، وتثبيت أسس الوحدة اليمنية التي مهرت بدماء الشعب الزكية.
هذا القتال الذي فرض على الشعب اليمني والقوات المسلحة قد أوجب على جماهير الشعب أن يهبّوا للدفاع عن أغلى أهدافهم الوطنية، الذي تأكدت فيه الدلالات والمفاهيم العظيمة للتضحية والفداء، والتي تؤكد أن حياة الشعب اليمني مثلت بطولة الشجعان، وهم يخوضون معارك الشرف والفداء والتصدي والمواجهة للقوى المتمردة، ويقدمون أروع صور الفداء والتضحية بكل الشجاعة والفروسية والتفاني في أداء الواجب المقدس.
وأشاد الأخ الرئيس بالالتفاف والدعم الشعبي الواسع لجماهير شعبنا اليمني التي وقفت خلف القوات المسلحة وقدمت التجسيد الفعلي للروح الوطنية العالية.
ومن موقف الشعب نقول بأن عهود التشطير قد ولّت ولن تعود أبداً، وأن قوة اليمن وازدهارها في الوحدة، وبدون الوحدة لا مستقبل لليمن، فهي عنوان العزة والاستقرار والتقدم، وأن أبناء اليمن قد وقفوا في وجه كل محاولة لجعل التشطير حقيقة وواقعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.