عقد مجلس الشورى اليوم أولى جلسات اجتماعه الحادي عشر من دورة انعقاده السنوية الأولى للعام الجاري 2009، برئاسة رئيس المجلس عبد العزيز عبد الغني، وذلك لمناقشة موضوع مساهمة منظمات المجتمع المدني في التخفيف من الفقر. وفي جلسة اليوم قدمت لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة والمجتمع المدني تقريرها حول الموضوع، الذي قام بقراءته رئيس اللجنة محمد محمد الطيب، ونائب رئيس اللجنة يحيى الحباري، ومقرر اللجنة إبراهيم صعيدي وعضوا اللجنة يحيى الكحلاني ومنى باشراحيل. واستهدف التقرير التعريف بمشكلة الفقر في اليمن، من حيث حجم ظاهرة الفقر وأسبابها وتأثيرها العميق على المجتمع، والتعريف بمنظمات المجتمع المدني من حيث الأهمية والأدوار والإيجابيات، وكذا التعرف على الإمكانيات المتاحة لدور تلك المنظمات في مواجهة ظاهرة الفقر، وما يتعين عمله لتشجيعها وتحفيز أدوارها في التصدي لظاهرة الفقر. وتناول التقرير في هذا السياق جملة من المفاهيم والمصطلحات التي تحيط بظاهرة الفقر ، والتي تشمل مقاييس الفقر، ومؤشراته. حيث يُعَرِّف التقريرُ الفقرَ بأنه أحد وجوه الحرمان من الخيارات والفرص في العيش حياة محتملة ومقبولة، وذلك استناداً إلى ثلاث مؤشرات هي: مؤشر للحرمان من حياة طويلة بصحة جيدة، ومؤشر تعليمي معرفي يتمثل في نسبة الأمية، والثالث يقيس درجة الحرمان من مستوى معيشي لائق بدرجة الوصول إلى الموارد اللازمة. وأشاد التقرير بالجهود المبذولة للتخفيف من الفقر، حيث انخفض مؤشر الفقر من 4ر41 بالمائة عام 2000 إلى 7ر34 بالمائة عام 2005م، لكنه عزا بقاء عدد الفقراء عند مستوى سبعة ملايين شخص، إلى ارتفاع نسبة النمو السكاني السنوي المقدرة ب3 بالمائة. وتناول التقرير منظمات المجتمع المدني والمشاركين فيها، واستعرض المنافع والنتائج المرجوة من الشراكة مع منظمات المجتمع المدني بالنظر إلى ما تملكه منظمات المجتمع المدني من معارف كبيرة يمكن الاستفادة منها في تحقيق التنمية المستدامة والاضطلاع بدور أساسي في المساهمة في تيسير عمل قطاعي التنمية الزراعية والريفية. وتطرق التقرير إلى مفهوم المجتمع المدني كونه يشير إلى الطبيعة المدنية التي تميز الدولة والمجتمع ، وفي نفس الوقت يشير إلى دولة المؤسسات ذات الإطار التعاقدي الذي يمنح الأفراد كياناً مستقلاً ويعبر عن مجتمع يقوم على سيادة الشعب وتبني الديمقراطية والتعددية السياسية وحماية حقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة. وعدَّدَ التقريرُ خصائص وسمات منظمات المجتمع المدني ، في كونها غير حكومية وطوعية وغير إرثية، وغير هادفة للربح، وتعتمد على ممارسة الديمقراطية، وتمارس مهام تحديثية في المجتمع، وتؤمن وتدعو للقبول بالتعدد والاختلاف والحوار والتسامح.. موضحاً أهداف هذه المنظمات، ومستعرضاً واقعها في اليمن. كما أوضح حجم إسهاماتها من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا على صعيد التخفيف من الفقر. وبين التقرير جملة من المتطلبات الهادفة إلى الارتقاء بدور منظمات المجتمع المدني وتعزيز الشراكة معها والقضاء على الصعوبات والتحديات التي تواجه دور ونشاط هذه المنظمات، مستعرضاً نموذجين ناجحين لمنظمات المجتمع المدني يجسده دور مؤسسة الصالح التنموية، وجمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية. وتطرق التقرير إلى التأثير السلبي للفقر على نمو وازدهار قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتناول الجهد الدولي الهادف إلى التخفيف من الفقر، في إطار ما يعرف بأهداف الألفية والتي تشمل القضاء على الفقر المدقع وتعميم التعليم الابتدائي ، والمساواة بين الجنسين وتخفيض معدلات وفيات الأطفال ، وتحسين الصحة عند الولادة، وكفالة الاستدامة البيئية وإقامة شراكة عالمية من أجل التنمية. وخلص التقرير إلى جملة من التوصيات التي أكد من خلالها على ضرورة المشاركة الفعالة من قبل منظمات المجتمع المدني في أنشطة مكافحة الفقر، وإنجاز دراسة خاصة بالمجتمع المدني تتمحور حول آلية استنهاض دوره. كما أوصى بترسيخ مبدأ المشاركة الفعلية لمنظمات المجتمع المدني في وضع الخطط مع صانعي القرار، وبإيجاد آلية للتواصل والتنسيق بين المنظمات والجهات الرسمية ذات العلاقة. وأوصى التقرير أيضاً بإعادة النظر في القوانين الموجودة بحيث تنص على تخصيص نسب من العائدات الزكوية لتصرف على الفقراء بنظر الجمعيات الخيرية، وتشجيع قيام الصناديق الممولة لأغراض الإقراض للفقراء وإعطاء منظمات المجتمع المدني أولوية في الإقتراض. وتحدث أمام مجلس الشورى وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع خطط التنمية الدكتور مطهر العباسي الذي أوضح جهود الحكومة في القضاء على الفقر، والتي تأتي في سياق الرؤية الاسترايتجية لليمن 2025، المستوعبة لأهداف الألفية، والهادفة إلى انتقال اليمن إلى مجموعة الدول متوسطة التنمية البشرية بتنوع اقتصادي وتطور اجتماعي ومعرفي وثقافي وسياسي. لكنه أشار إلى أن اليمن وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته خلال العقدين الماضيين في العديد من المجالات التي شملتها أهداف الألفية لا تزال في المرتبة 153 بين 177دولة بحسب مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وحدد العباسي في الورقة التي قدمها إلى المجلس المسارات الرئيسة للحد من الفقر ومعالجة أسبابه والمتمثلة في تنمية القدرات البشرية، وأولوية المشاريع الاستثمارية، وبرامج شبكة الأمان الاجتماعي. هذا وسيواصل المجلس مناقشاته للموضوع في الجلسة التي يعقدها يوم غد الإثنين بمشيئة الله تعالى.