18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    رواية حوثية مريبة حول ''مجزرة البئر'' في تعز (أسماء الضحايا)    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    جامعي تعزّي: استقلال الجنوب مشروع صغير وثروة الجنوب لكل اليمنيين    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    الزندان أحرق أرشيف "شرطة كريتر" لأن ملفاتها تحوي مخازيه ومجونه    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأضحية شعيرة عظيمة ودليل على إخلاص العبادة لله وحدة
نشر في الجمهورية يوم 26 - 11 - 2009

شرع الله عزوجل الأضحية لشأنها الكبير وحكمتها البالغة باعتبارها إحدى العبادات التي تقرب العباد من الله عزوجل، وشعيرة من شعائر الإسلام العظيمة التي وردت في شأنها الكثير من الآيات والأحاديث الدالة على عظم مكانتها.
ويؤكد العلماء والفقهاء أن الأضحية إسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربا إلى الله عزوجل، وشعار على إخلاص العبادة لله وحده، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومن هنا جاءت مشروعيتها في الإسلام.
** مشروعية الأضحية
بحسب أهل العلم فإن أصل مشروعية الأضحية إنها كانت فداء لإسماعيل عليه السلام .. قال الله عز وجل " وفديناه بذبح عظيم" . حيث ذكر المفسرون أن المراد بالنحر هنا الأضحية، والصلاة هنا صلاة العيد، وكذا ماورد في السنة النبوية من حديث أنس رضي الله عنه قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحمهما بيده وكبر.
وقد اختلف أهل العلم في حكمها مع إجماعهم على مشروعيتها على قولين:الأول: أنها واجبة مستدلين بحديث النبي عليه الصلاة والسلام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له سعةً ولم يضح فلا يقربن مصلانا».[صحيح الجامع 0946]
ووجه الاستدلال به: أنه لما نهى من كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضح، دل على أنه قد ترك واجبًا، فكأنه لا فائدة من التقرب إلى الله مع ترك هذا الواجب.
كما استدل من قال من العلماء أن الأضحية واجبة بحديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال: «من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله». [متفق عليه].
وبحسب العلماء فإن الأمر ظاهر في الوجوب ولم يأت ما يصرفه عن ظاهره.
وأضاف العلماء أن من الأدلة على وجوبها قوله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة: «يا أيها الناس على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية». [صحيح الترمذي 5221]
قال أبو عبيد في [غريب الحديث] «1/591»: العتيرة هي ذبيحة في رجب يتقرب بها أهل الجاهلية ثم جاء الإسلام على ذلك حتى نسخ بعد.
وقال ابن الأثير: والعتيرة منسوخة، وإنما كان ذلك في صدر الإسلام. [جامع الأصول3/713]
فيما يرى بعض الفقها أن الأضحية مستحبة، مستندين إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل العشر، فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بَشَره شيئًا».[رواه مسلم 7791]
فقالوا فيه دليل على أن الأضحية غير واجبة لأنه صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أراد أحدكم أن يضحي..» ولو كانت واجبة لم يفوض إلى إرادتهم.
وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية على من قال أنها مستحبة بقوله : إن الظاهر وجوبُها ومن قدرعليها ولم يفعل فهو آثم لأن الله تعالى ذكرها مقرونةً بالصلاة في قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ وقوله عز وجل : قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي... وأبدى فيها وأعاد بذكر أحكامها وفوائدها ومنافعها في سورة الحج، وشيء هذا شأنه ينبغي أن يكون واجبًا وأن يلزم به كل من قدر عليه.ثم قال رحمه الله: ونفاة الوجوب ليس معهم نص، فإن عمدتهم قوله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن يضحي...» قالوا: والواجب لا يعلق بالإرادة وهذا كلام مجمل فإن الواجب لا يوكل إلى إرادة العبد فيقال: إن شئت فافعله، بل قد يعلق الواجب بالشرط لبيان حكم من الأحكام، كقوله: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]، وقد قدروا فيه: إذا أردتم القيام، وقدروا: إذا أردت القراءة فاستعذ، والطهارة واجبة، والقراءة في الصلاة واجبة، وقد قال تعالى: إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [التكوير:72 82]، ومشيئة الاستقامة واجبة.
وأيضا فليس كل أحدٍ يجب عليه أن يضحي وإنما يجب على القادر فهو الذي يريدأن يضحي، كما قال: «من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد تضل الضالة وتعرض الحاجة».
والحج فرض على المستطيع، فقوله: «من أراد أن يضحي...» كقوله: «من أراد الحج...». ووجوبها حينئذ مشروط بأن يقدر عليها فاضلا عن حوائجه الأصلية.[مجموع الفتاوى 32/261461]
** وقت ذبح الأضحية
يؤكد العلماء والفقهاء أن وقت ذبحها صباح يوم العيد بعد الصلاة أي بعد صلاة العيد فلا تجزئ قبله أبدًا لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا،ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله، وليس من النسك في شيء». [أخرجه البخاري (5545)]،
وقال صلى الله عليه وسلم: «من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين».[رواه البخاري (5564)].
ويؤكد الشيخ بن عثيمين في زاد المستقنع أن من الأمور المتفق عليها أيضًا أنه لا يجوز تأخير الأضحية حتى فوات وقتها وهو يوم العيد وأيام التشريق وعلى ذلك فأيام الذبح أربعة، يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وهذا القول هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية والدليل على ذلك.قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عزوجل» [صحيح مسلم (1141)] فجعل حكمها واحدًا أنها أيام أكل لما يذبح فيها وشرب وذكر لله عز وجل.
** الحكمة من مشروعية الأضحية
يبين أهل العلم إن الأضحية شرعت لحكم كثيرة أبرزها: أولاً : إحياءً لسنة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حينما رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل ، ورؤيا الأنبياء حق وصدق .
قال الله تعالى: " وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهدِينِ رَبِّ هَب لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرنَاه بِغلَامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَه السَّعيَ قَالَ يَابنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذبَحكَ فَانظر مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افعَل مَا تؤمَر سَتَجِدنِي إِن شَاءَاللَّه مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسلَمَا وَتَلَّه لِلجَبِينِ وَنَادَينَاه أَن يَاإِبرَاهِيم قَد صَدَّقتَ الرّؤيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجزِي المحسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهوَ البَلَاء المبِين".
ثانياً : إن ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء .
وقد مضت السنة منذ عهد النبي في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى ، وجاء في حديث البراء قال :( خطبنا رسول الله يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاةلحم . فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني .
فقال رسول الله : تلك شاة لحم . فقال : إن عندي عناقاً جذعةً وهي خيرٌ منشاتي لحم فهل تجزئ عني ؟ قال : نعم ، ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك ) رواه البخاريومسلم ، وأبو داود واللفظ له.
ثالثاً : شكراً لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة ، فالأضحية صورةٌ من صورالشكر لله سبحانه وتعالى ، فيتقرب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالاًلأمر الله سبحانه وتعالى ، حيث قال جلَّ جلاله: فصلِّ لربك وانحر.
** الأفضل في الأضحية
اتفق العلماء بأن الأضحية لا تجوز بغير بهيمة الأنعام وهي الغنم والبقر والإبل، لقوله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ [الحج:82].
** شروط الأضحية
وبحسب العلماء فإن الأضحية لا تكن على أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا باجتماع شروطها وانتفاء موانعها.
وشروطه المضحى به أربعة: الأول : أن يكون ملكا للمضحي غير متعلق به حق غيره ، فلا تصح الأضحية بما لا يملكه ؛ كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه ؛ لأن الأضحية قربة إلى الله عز وجل ، وأكل مال الغير بغير حق معصية ، ولا يصح التقرب إلى الله بمعصية ، ولا تصح الأضحية أيضا بما تعلق به حق الغير كالمرهون إلا برضامن له الحق ، ونقل في (( المغني )) عن أبي حنيفة فيمن غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه تجزئه إن رضي مالكها ، ووجهه أنه إنما منع منها لحق الغير ،فإذا علم رضاه بذلك زال المانع.
الثاني : أن يكون من الجنس الذي عينه الشارع ، وهو الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها.
الثالث : بلوغ السن المعتبر شرعا ، بأن تكون ثنيا إن كان من الإبل أو البقر أو المعز ، وجذعا إن كان من الضأن ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم(( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن )) رواه مسلم.
وظاهره لا تجزئ الجذعة من الضأن إلا عند تعسر المسنة ، ولكن حمله الجمهور على أن هذا على سبيل الأفضلية وقالوا : تجزئ الجذعة من الضأن ولومع وجود الثنية وتيسرها ، واستدلوا بحديث أم بلال امرأة من أسلم عن أبيهاهلال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يجوز الجذع من الضأن ضحية ))، رواه أحمد وابن ماجه وله شواهد منها :
حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجذع من الضأن ، رواه النسائي، قال في (( نيل الأوطار )): إسناد رجاله ثقات.
ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن )) ، رواه أحمد والترمذي .
وفي (( الصحيحين )) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة ، فقال يا رسول الله ، صارت لي جذعة ، فقال : (( ضح بها )).
فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين ، والثني من البقر ما تم له سنتان ، والثني من الغنم ضأنها ومعزها ما تم له سنة ، والجذع من الضأن :ما تم له نصف سنة .
الرابع : السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء ، وهي المذكورة فيحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليهوسلم فقال : (( أربع لا تجوز في الأضاحي وفي رواية : لا تجزئ : العوراءالبين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والكسير التي لاتنقي )) . رواه الخمسة . وقال الترمذي : حسن صحيح.
والعمل على هذاالحديث عند أهل العلم ، وفي رواية للنسائي قلت : يعني للبراء فإني أكره أن يكون نقص في القرن ، وفي أخري أكره أن يكون في القرن نقص، أو أن يكون في السن نقص ، فقال يعنى البراء : ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد.
و قد صحح النووي في (( شرح المهذب )) هذا الحديث وقال : قال أحمدبن حنبل:ما أحسنه من حديث ، ورواه مالك في الموطأ )) عن البراء بن عازب بلفظ : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا يتقى من الضحايا ؟ فأشار بيده وقال : (( أربعا : العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء التي لا تنقي )) وذكرت العجفاء في رواية الترمذي وفي رواية النسائي بدلا عن الكسير .
فهذه أربع منصوص على منع الأضحية بها وعدم إجزائها .
الأولى : العوراء البين عورها ، وهي التي انخسفت عينها أو برزت ،فإن كانت لا تبصر بعينها ولكن عورها غير بين أجزأت ، والسليمة من ذلك أولى.
الثانية : المريضة البين مرضها ، وهي التي ظهر عليه آثار المرض مثل الحمى التي تقعدها عن المرعى ، ومثل الجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثرفي صحتها ، ونحو ذلك مما يعده الناس مرضا بينا ، فإن كان فيها كسل أو فتورلا يمنعها من المرعى والأكل أجزأت لكن السلامة منه أولى .
الثالثة : العرجاء البين ظلعها ، وهي التي لا تستطيع معانقة السليمة في الممشى ، فإن كان فيها عرج يسير لا يمنعها من معانقة السليمة أجزأت ،والسليم منه أولى .
الرابعة : الكسيرة أو العجفاء ( يعنى الهزيلة ) التي لا تنقي ، أي ليس فيها مخ ، فإن كانت هزيلة فيها مخ أو كسيرة فيها مخ أجزأت إلا أن يكون فيها عرج بين ، والسمينة السليمة أولى، فهذه هي الأربع المنصوص عليها ، وعليها أجمع أهل العلم .
ويضيف بعض الفقهاء ستة موانع بالقياس على الموانع الأربع المنصوص عليها وهي:العمياء : التي لا تبصر بعينها ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العوراءالبين عورها .
فأما العشواء التي تبصر في النهار ، ولا تبصر في الليل فصرح الشافعية بأنها تجزئ ؛ لأن في ذلك ليس عورا بينا ولا عمى دائما يؤثر في رعيها ونموها، ولكن السلامة منه أولى .
الثانية : المبشومة حتى تثلط ؛ لأن البشم عارض خطير كالمرض البين ، فإذا ثلطت زال خطرها وأجزأت إن لم يحدث لها بذلك مرض بين . الثالثة : ما أخذتها الولادة حتى تنجو ؛ لأن ذلك خطر قد يودي بحياتها ، فأشبه المرض البين ، ويحتمل أن تجزئ إذا كانت ولادتها على العادة ولم يمض عليها زمن يتغير به اللحم ويفسد .
الرابعة : ما أصابها سبب الموت كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وماأكل السبع ؛ لأن هذه أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها ، والعرجاءالبين ظلعها .
الخامسة: الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ظلعها.
فأما العاجزة عن المشي لسمن فصرح المالكية بأنها تجزئ ، لأنه لا عاهة فيهاولا نقص في لحمها.
السادسة: مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاءالبين ظلعها ، ولأنها ناقصة بعضو مقصود فأشبهت ما قطعت أليتها .
ويشدد العلماء أنه متى وجد واحد من هذه الموانع العشرة في بهيمة لم تجز التضحية بها ؛ لفقد أحد الشروط وهوالسلامة من العيوب المانعة من الإجزاء .
** مسائل تتعلق بالأضاحي
وبين العلماء أن الشاة تجزئ عن الواحد وعن أهل بيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، كما تجزئ البقرة والبدنة عن سبعة لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «نحرنا في عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة». [أخرجه مسلم (8131)]
كما بين العلماء أنه لا يجوز بيع شيء من الأضحية سواء كان لحمًا أو جلدًا لأنها تعينت للذبح ولأنها قربة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من باع جلد أضحيته فلا أضحية له».[صحيح الجامع 6118]
ويرى الفقهاء أنه لايُعطي الجازر أجرة عمله من الأضحية لما ثبت عن على رضي الله عنه أنه قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدْنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وحلالها (ما تلبسه الدابة لتصان به)، وأن لا أعطي الجازرمنها شيئًا، قال: ونحن نعطيه من عندنا». [رواه بهذا اللفظ مسلم 713] ويجوز أن يعطى منها صدقة إن كان فقيرًا وإن كان غنيًا يعطى هدية.
ويشير أهل العلم أنه إذا أوجب شخص على نفسه أضحية معينة ثم أصابها تلف أو سُرقت أو ضلت بإهمال منه وجب عليه أن يذبح مثلها أو يكون عليه قيمتها يوم أتلفها، وأما إذا حدث ذلك بغير تفريط منه فلا شيء عليه، فإن عادت إليه الأضحية التي سرقت ذبحها سواء في زمن الذبح أو بعده. [الأم ج2 ص225 / المغني ج31 ص473]
ويؤكد أهل العلم أنه يستحب استسمان الأضاحي واستحسانها، واستعظامها لأن ذلك من تعظيم شعائر لله، والله تعالى يقول: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:23] عن أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه قال: كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون، لأن استسمان الأضحية أعظم للأجر وأنفع للناس. [فتح الباري 01/21]6 .
ويبين العلماء أنه ينبغي لكل مسلم أن يذبح أضحيته في بلده ويتولاها بنفسه لأنها قربة وشعيرة ظاهرة يجب علينا المحافظة عليها وأن نعلمها أبناءنا، فيرونها وهي تذبح ثم ينظرون توزيعها وإهداءها والأكل منها، وبهذا تبقى هذه الشعيرة بين المسلمين،إذ ليس المقصود الأول من الأضحية الصدقة على الفقراء والمساكين وإنما تحقيق التقوى بإراقة الدم تقربًا إلى الله، قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:73].
ويقول الشيخ بن باز رحمه الله " فلايشرع إخراجها من بلد المضحي، بحجة أن هناك من هو أحوج لها، فنفع المحاويج له أبواب أخرى".
ويشير الفقهاء إلى أن من عجز عن الأضحية من المسلمين، ناله أجر المضحين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند ذبحه لأحد الكبشين «اللهم هذا عني، وعمن لم يضح من أمتي». [إرواء الغليل (4/943453)].
** ما يستحب عند ذبح الأضحية:
يستحب أن يوجه الأضحية إلى القبلة وأن يسوقها سوقًا جميلاً وأن يحسن عند ذبحها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح». [رواه مسلم]كما يستحب التكبير والتسمية عند الذبح، لما ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: «ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووضع رجله على صفاحهما».[رواه البخاري ومسلم ]
ويستحب كذلك قول المضحي حال الذبح مع التسمية والتكبير «اللهم تقبل مني لقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما في صحيح مسلم لما أخذ الكبش وأضجعه، ثم ذبحه، «باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد» ثم ضحى به.
** حكمة التسمية على الذبيحة
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: وفي ذكر اسم الله على الذبيحة حكمٌ عظيمة،من ذلك ما قاله ابن القيم رحمه الله: ولا ريب أن ذكر اسم الله على الذبيحة يُطيبها، ويطرد الشيطان عن الذابح والمذبوح، فإذا أخل به لابس الشيطان الذابح والمذبوح فأثر خبثًا في الحيوان، انتهى المنصوص من كلامه رحمه الله، وصفة التسمية أن يقول الذابح: «بسم الله» وإن زاد «والله أكبر» فهو أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجزئ غير التسمية، ولا يقوم غيرها من الأذكار مقامها.
ويذكر العلماء أنه يجب على من أراد أن يضحي أن يتجنب الأخذ من شعره وأظفاره وبشرته منذ دخول العشر عشر ذي الحجة إن كانت نيته للأضحية منذ بداية العشر، وإلا فيجب عليه الإمساك متى نوى أثناء العشر، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره» [أخرجه الجماعة إلا البخاري] وهذا الحكم قاصر على رب الأسرة دون بقية أفرادها. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الحكم بمن يضحي فقط.
والحكمة في ذلك كما يقول الشيخ ابن عثيمين في زاد المستقنع أن الله سبحانه وتعالى برحمته لما خَصَّ الحجاج بالهدي، وجعل لنسك الحج محرمات ومحظورات، وهذه المحظورات إذا تركها الإنسان لله أثيب عليها، والذين لم يحرموا بحج ولا عمرةشرع لهم أن يُضحوا في مقابل الهدي، وشرع لهم أن يتجنبوا الأخذ من الشعوروالأظفار والبشرة كالمحرم، يعني لا يترفه فهؤلاء أيضًا مثله، وهذا من عدل الله وحكمته كما أن المؤذن يثاب على الأذان، وغير المؤذن على المتابعة، فشرع له أن يتابع.
** كيف توزع الأضحية
قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:63]، وقال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[الحج:28]، والأمر هنا للإباحة أو الاستحباب كما بين أهل العلم،لذلك يستحب لأهل البيت الذين ضحوا أن يأكلوا، وأن يهدوا منها وأن يتصدقوا،كما يجوز لهم أن يدخروا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «كلوا وادخروا وتصدقوا».[رواه البخاري (9655) ومسلم (1791)]
وما ورد في النهي عن الإدخار فمنسوخ.[انظر فتح الباري (01/52، 62)]قال ابن قدامة المقدسي في المغني 13 / 379 : «ولنا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤَّال بالثلث» [رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في الوظائف، وقال «حديث حسن» ولأنه قول ابن مسعود وابن عمر، ولم نعرف لهما مخالفًا من الصحابة فكان إجماعًا] وعلى ذلك فالأمر في توزيع لحوم الأضاحي واسع فلو تصدق بها كاملة دون الأكل منها أو الإهداء جاز، أو أكل وادخر وتصدق فلا حرج عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.